26‏/10‏/2012

قمر.. (17)

حبات عنب تلمع في وضح النهار.. ووردة حمراء جوريّة.. وعطر ياسمين.. وعشب أخضر.. وزيتون.. وليمون.. ورائحة التراب.. في حديقة لي.. أزرعها.. لمن المُلك اليوم يا قمر؟ الملك دائماً لله.. لكنه اصطفاني اليوم لهذا الملك.. أما كيف وصلني؟ فالحكاية بسيطة..

قد وصلت الحضيض أياماً.. وقبلت الصدقة أحياناً.. إلا أنني ما كنت لاُحزن ولديّ.. فقد رجاني محمد أن يظل في المدرسة.. كم كنت أحتاجه ليعمل.. لكن كانت لديه أحلام كبيرة.. وكريم يقلّده في كل أفعاله.. 
تعبت حتى وصل الثانوية.. ظننت أنني ارتحت.. إلا أنه رجاني أن يستمر.. أراد أن يلتحق بمعهد للمعلمين.. اصبري من أجلي قليلا.. فصبرت.. وحتى عندما أراد السفر للخليج.. صبرت.. وعندما أرسل لي أول ما كسبه.. ارتحت.. حبيبي.. هو من بنى لي هذا البيت.. وملأه من أجلي.. أثاثاً ومتاعاً.. مع أنه لا يساوي في غيابه شيئاً.. ولا في غياب كريم.. الذي سافر هو الآخر.. إلى مكان بعيد.. اسمه أمريكيا.. ولم يبقى لي إلا بناتي.. حبيباتي.. أمطرن حياتي بالأحفاد.. 

والعمر يسير بسرعة ما عادت تدركها قمر.. والعالم تعجز عن فهمه أو اللحاق به.. والزمان توقف عندها في مكان ما.. وهذا ما جعلها محبّبة ومضحكة ككلّ الجدّات..
كانت تعجز عن لفظ الكثير من الكلمات.. تلفاز! احتاجت وقتاً لتتقن هذه الكلمة.. وأسماء أحفادها الغريبة.. نسرين ونادين!! ماذا حلّ بآمنة وفاطمة؟ وكانت تنفعل عندما تشاهد نشرة الأخبار.. وترى مشاهد الحروب.. فتلعن النّجليز واليهود معاً.. وتبكي مع المسلسلات اليومية.. 

وكانت تجيد رواية القصص.. فحدّثت أحفادها عن جدّ اسمه علي.. لم يروه.. لكنّ قصته كانت كقصص الأبطال.. كيف كان يحبها.. وحارب العالم من أجل أن يتزوجها.. كان ناسكاً.. حقاً..
وحدّثتهم عن المقام.. وعن أجدادها الأولياء الصالحين.. وعن يوم الزفاف.. ويوم الهجرة.. وأوصتهم أن يحفظوا عنها ويقصّوا لم بعدهم.. 
كانت تضحك إن سألها أحفادها.. كيف يكون اسمك يا جدتي قمر.. واسم أمي زينب؟ أي منطق في هذا؟ وكانت عيناها تبرق إن سألها أحدهم.. أين ذهبت أسنانك يا جدّتي؟ فتروي قصة ذلك اليوم المشؤوم.. لكنها كانت قصة تعتز بها.. كانت تحكيها بفخر وكأنها مناضلة.. وماذا يملك أمثالها ليفخروا به؟ .. قصصاً ظنوا أنها عظيمة.. وكانوا هم يوماً أبطالها..

هناك 8 تعليقات:

  1. لا لا لا مااااا بدي ...ما بصير تخلص :(
    ليش هيك فشئتي و نطيتي بالقصه .،مش مسمووووح


    عجيبه الدنيا.،حياة بشر ،فرح و حزن. .عمر ركض سريع مشاعر و احاسيس تختزل بقصه تروى في بضع ساعات صاحبها بعيشها بحذافيرها و المستمع يستمتع بما يعنيه من ﺍﺟﺰﺍءﻫﺎ

    ردحذف
    الردود
    1. والله لسة ما خلصت!! ما كتبت لسه على الجزء كلمة النهاية :)
      الله يخليكي يا رب, انا بستمتع بككتابة كل الاحداث والاحاسيس بنفس الدرجة اللي بتستمتعوا فيها بالقراءة وبتعيشوا فيها الصورة وكأنها حية..
      تحياتي

      حذف
  2. الله يعطيها العافيه قمر :)والله ما قصرت ...صبرت ونالت.
    و الله يعطيكِ العافيه على السرد الرائع ...
    بالرغم من ان قصة قمر واحداثها تشابه كثيراً قصص وسير حياة الكثير من جداتنا الا انكِ نجحت فيها سردها بكثير من المتعه والابداعيه في تلخيص الاحداث بالتفصيل و الايجاز في نفس الوقت ....مش عارفه كيف قدرتي تزبطيها هاي؟! أظن أن هذا هو الابداع القصصي يا عزيزتي :)
    يا ريت ما تغيبي عنا بعد هالخاتمه الحلوه وتضلك عم تكتبي بهالاسلوب المتميز .

    ردحذف
    الردود
    1. يعطيكي العافية ويخليكي يارب.. بس ما تردي على ويسبر القصة ظايل فيها..
      أنا بخجل من هالكلام الحلو وما بعرف شو بدي أرد؟
      هي محاولة ولا اكثر للاستمتاع بالكتابة, وبدون تعليقاتكم الجميلة والله لا معنى لكل ما نكتب..
      يسعد صباحك :)

      حذف
  3. تحذير هااااام:
    بدي أحكي إني لسة ما ختمت القصة.. ظايل آخر جزء.. بس مش عارفة إذا راح تتحملوا النهاية ولا لأ؟

    ردحذف
  4. I wrote the following comment BEFORE reading the comments and yr replies to them:

    مع أنه لا يساوي في غيابه شيئاً = the line I loved the most
    -------
    I feel the end is near! and I`m afraid that it will be a tragic one
    :(

    not much of an open-ended but a clear cut kind of an end!

    I hope I`m wrong on both counts!
    -----

    very nice narration
    very touchy!

    we r the heroes of our stories and that`s juuuust fine :D
    ------

    she is raining them with stories :)
    --------

    now after reading the commets/replies :

    I`d say =

    :((

    BAS

    ردحذف
  5. ماذا حلّ بآمنة وفاطمة؟

    ههههههههههههههههههه,,, وبتحكولي مالك معقده؟؟ ههههه

    ردحذف