25‏/01‏/2012

أدب العنصريّة

العنصرية، ليست بالمفهوم الغريب، فما أن تطرق مسامعنا هذه الكلمة حتى نتذكر العبودية وسوء معاملة الأبيض للأسود، والافتراض أن جماعة من الناس هم أدنى منك شأناً أو فهماً أو أخلاقاً لمجرد أنهم ينتمون لعرق ما أو وطن ما. 
لكن من المستغرب كم يضج الأدب العالمي بالمفاهيم العنصرية، من خلال شخوصه أو أحداثه، هذا الأدب الذي يتوارث جيلاً بعد جيل على أنه من الروائع، وهو في الحقيقة بحاجة لوقفة صغيرة منا وتأمله أكثر عن كثب.

انهيت مؤخراً قراءة رواية "مرتفعات ويذرنغ" للكاتبة إميلي برونتي، والتي تعد طبعاً من روائع الأدب الإنجليزي، ولدي معرفة مسبقة بالقصة لكن من خلال الفيلم الذي يحمل نفس الاسم. لكن قراءة الرواية بالطبع وضحت الكثير من التفاصيل وأعطت الكثير من الوصف الذي لا يتسع الفيلم لسرده. 

أحد الشخوص الرئيسية في الرواية "هيثكليف" والذي كان سببا في شقاء بقية الشخوص الأخرى، وكان نزّاعاً إلى الانتقام والظلم، هو في الأصل فتىً (غجري) مشرّد وجده السيد الأبيض هائماً على وجهه بلا اسم ولا عائلة، عطف عليه وأسكنه بيته وأحب هذا المشرّد ابنة السيد ولم يستطع الحصول عليها فسعى للانتقام من جميع أفراد العائلة عبرالأجيال المتعاقبة، حتى أنّ هذا الانتقام طال ابنه.

تصفه الكاتبة بالشر وبأنه شيطان واختارت لهذه الشخصية القالب المناسب، ليس أبيض البشرة بل (غجرياً) أسمر البشرة أسود الشعر والعينين، يرفض التعليم بعد موت سيّده، لا علاقة له بالدين أو الكنيسة، ويهيم طول اليوم في الحقول ويعود للمنزل قذراً، ويبدو أن الكاتبة تعتقد أن هذا النوع من البشر لا يتجسّد إلاّ في الغجر!

بالتأكيد تتذكرون "مغامرات توم سوير" للكاتب الأمريكي مارك توين، أغلبنا شاهد المسلسل الكرتوني الشهير في الطفولة وإن لم نقرأ الكتاب والذي يعتبر من روائع الأدب الأمريكي، وتتذكرون مغامراته الشيّقة مع صديقه هاك وصديقته بيكي، والهروب من المدرسة والبحث عن الكنز، المسلسل كان ممتعاً بصراحة.

في بعض حلقات المسلسل تظهر شخصية مرعبة، "إنجان جو"، وهو قاتل ولص ومطلوب للعدالة ويرتعد توم وهاك خوفاً عندما يظهر في القرية. وهذا الرجل كما يظهر في الكتاب من السكان الأصليين (هندي أحمر)، وكونه يحمل دماً هندياً في عروقه فهذا يفسر ببساطة كونه القالب المناسب للقتل واللصوصية.
 
كنت أعتقد أن اسم الشخصية كاملاً هو"إنجان جو" أو "injun joe"، ولكن وبعد بحث بسيط اكتشفت أن كلمة "injun" هي كلمة عنصرية ينعت بها السكان الأصليون مثل كلمة زنجي "nigger" التي كان ينعت بها العبيد الأفارقة.


20‏/01‏/2012

من أرشيف الذاكرة..

17 كانون الثاني - عام 1991م:
يبدأ الهجوم والقصف لتحرير الكويت من الغزو العراقي.
بإمكاني أن أسمع دوي الرصاص وهدير الطائرات- نحن نسكن منطقة حدودية- هي الأقرب للعراق.
بث التلفاز مقطوع.
لا اتصال هاتفي.
صلة الاتصال الوحيدة مع العالم عبر المذياع: مونت كارلوأوالـ بي بي سي.
الليلة تركنا شقتنا في الطابق الثاني وسنبيت في غرفة في طابق (التسوية).

... :
الأيام متشابهة.
نستيقظ على صوت الإذاعة.. ونأكل يرافقنا صوت الإذاعة.. نبيت على صوت الإذاعة..
الليل مخيف.. يؤذن قدومه ببدأ القصف.. وكل يوم تزداد حدّته.
تتلون السماء وتضيء ..الصوت مرعب وعميق ومخيف.

3 شباط - 1991م:
يتخذ والدي القرار بالرحيل..
يحجز المقاعد ويدفع أجرة الحافلة.. الرحيل بعد 4 أيام.
تبدأ أمي وشقيقاتي بحزم الأمتعة وحمل ما يمكن حمله.

6 شباط - 1991م:
نودع بيتنا للأبد..
يرفع أبي المتاع على سقف السيارة وننطلق.. نبيت الليلة في مدينة أخرى عند أحد الأقارب من حيث ستنطلق الحافلة.
الوضع أكثر هدوءاً في هذه المدينة.. والأطفال يلعبون في الشارع.

7 شباط - 1991م:
منذ الفجر نصل لمكان انطلاق الحافلة.
يبدأ الجميع بتحميل أمتعته وتأمين مقعده.
نحن العائلة الأكبر عددا.. يوجد شاب وشقيقته.. أم وابنتاها..
رجل في الأربعين لوحده ليس له مقعد ولا أدري لماذا، يضع حقيبته البنية على الأرض وسط الحافلة ويجلس عليها طول الرحلة.
تنطلق ثلاث حافلات والوقت بعد مبكر جداً..
الوضع هادئ..
نتوقف مرات ومرات للتفتيش.. الجنود يملؤون الطريق قبل وبعد الحدود.
نعبر الحدود.

قبل الظهيرة:
نصل (البصرة).
لم يخبرني أحد.. لكنني أعرفها جيداً، فقد زرتها من قبل..
أعرفها من نخيلها المحترق ومن التماثيل المتراصة على طول شط العرب تخلّد ذكرى من قضوا في الحرب الإيرانية ..
ونستمر بالمسير.
الحياة تبدو عادية.. المتاجر مفتوحة.. الناس في الأسواق..
فتاة صغير في آخر الحافلة تبدأ بتسميع درس اللغة العربية: هذا دكّان.. هذا فلاّح!
ونستمر بالمسير.

في المساء:
نصل (بغداد).
لا أعرف كم الساعة بالضبط.. لكن العتمة قد أرخت سدولها بقوة.
رجل على قارعة الطريق يشوي اللحم.. والرائحة قوية.. جداً..
هل في هذا المكان أي حرب؟ أم أن الحرب صارت لهذه الدرجة عاديّة!

السائق يريد أن يستريح.. فينشب الخلاف..
الركاب يرفضون المبيت في بغداد.. بالتأكيد ستتعرض للقصف..
يشتد الخلاف بين مؤيد ومعارض..
ينتصر المعارضون..
ونستمر في المسير.
بعد ساعات نمرّ عن جسر متهدّم يحترق ( جسر الفلّوجة ).
الظلام حالك.. لا أنوار في الشوارع والحافلة تسير بدون هدىً.. الضوء يضعك في دائرة الاستهداف.
يشغّل السائق الأنوار الأمامية لحظة.. تنطلق صفارة أحد الجنود المنتشرين على الطريق بالتحذير.. يطفئ السائق الأنوار بسرعة.

ربما بعد منتصف الليل بقليل:
نصل (الرّمادي).
تصطف الحافلة على جانب الطريق في منطقة خالية.. تبدو كالمزرعة لا أذكر بالضبط..

وتبدأ الإحتفالية!
بغداد تتعرض للقصف.. وكذا الرمادي.. وكل مكان..
السماء تنير بلون أخضر فسفوري كئيب جداً.. والصوت مرعب وشديد..
تنطلق القذائف المضادة للطائرات.. ويبدوا أنها قريبة.. فالصوت عالٍ جداً جداً يصمّ الآذان..
يشرع الأطفال في الحافلة بالبكاء.. وطبعاً.. أنا أوّلهم..
ويستمر القصف.. ساعة.. ساعتين..
لم يرتح أحد.. ولم ينم أحد..
لعن الله الحروب وصانعيها.

8 شباط - 1991م:
من أول خيط نور يتدفق يبدأ المسير..
الكل مستيقظ.. والكل عيونه متعلقة بالنوافذ.. شعور غريب.. وكأننا  لم نكن مستيقظين هكذا من قبل..
ونستمر بالمسير.. دون توقف..
الوضع هادئ.. من وقت لآخر تسمع صوت بعض الطلقات.. وكلما اتجهنا غرباً أكثر فأكثر خفتت الأصوات..
مزارع وقطعان من الماشية.. ثم تتبدل الصورة لما يشبه الصحراء..
الكل متشنج في كرسيه.. بتنا أقرب وأقرب من حدود الأردن..
وأخيراً..

قبل المغيب:
ندخل حدود الأردن (رويشد).. وتتبدل الوجوه سعادة وترتسم عليها الإبتسامات..
نتوقف عند موظف الجوازات.. موظف الجمرك يطالب الركاب بتنزيل كل الأمتعة.. كل شيء.. ويبدأ بالتفتيش.. ثم يبدأ بفرض الرسوم الجمركية!
شكراً.. هذا ما كان ينقصنا..
يتحول الأمر لصراخ وعراك.. بعض الركاب لا يملكون مالاً فائضاً أصلاً.. ويُستدعى مدير الجوازات..
ساعة حتى انتهى الخلاف..
زادت ظلمة الليل.. والجو بارد بارد جداً..
نعود لتحميل الأمتعة.. ونستمر بالمسير..
بعد قليل..
تتعطّل الحافلة!
يحاول السائق إيصالنا بشق الأنفس لأقرب مدينة.. وتنجح المحاولة.. نتوقف في (الأزرق).
يتصل السائق بسائق آخر ليتمّم الرحلة.. وفعلاً يصل بعد وقت قليل.. ننزل الأمتعة ونعيد تحميلها في الحافلة الجديدة.
الحافلة مهترئة وتصدر أزيزاً مزعجاً.. والنوافذ تسرّب الهواء البارد القارص..
ونستمر بالمسير باتجاه العاصمة عمّان..
تبدو المسافة طويلة وكأنها مئة عام..
نصل (مجمّع رغدان) الواحدة ليلاً..
يهنئ الجميع بعضهم بالسلامة ويتبادلون الهواتف ويتفرقون.. كانت آخر مرة نرى بعضنا للأسف!
نستقل سيارة الأجرة ونتجه لبيت أحد الأعمام من قاطني العاصمة..
ونبيت الليلة..

9 شباط - 1991م:
نتصل لحظة استيقاظنا بمنزلنا في (إربد) لنعلم جدّتي بوصولنا..
يصل بعض الأقارب لتحيتنا.. ويقلوننا بسيّاراتهم للمنزل..
تتلبّد السماء بالغيوم وينهمر المطر..

بعد الظهر:
نصل المنزل.. وتستقبنا جدّتي.. بفرح ممزوج بحزن وتعب.. لم أرها منذ عام ونصف.. لكنها بدت وكأنها قد كبرت مئة عام..
البيت.. أخيراً.. لا أصدق!
لا أدري كيف أكلت ذاك اليوم وكيف نمت تلك الليلة..

10 شباط - 1991م:
أستيقظ في الصباح وكل شيء يبدو غريباً.. السقف.. الفراش.. أنظر ليميني فاجد جدّتي جالسة على فراشها الصوفيّ تنظر إلينا بإمعان.. هي الأخرى لا تصدّق!
أخرج لحديقة المنزل.. الطقس بارد والأرض مبلولة وشعاع شمس طفيف ينير الأجواء..
العشب الأخضر يملأ المكان.. والنرجس قد أزهر.. و رائحته جميلة جداً جداً..

بعد يومين:
تذهب أمي  لتسجيلنا في المدرسة.
كنت أتمنى لو لم يقبلونا.. لكنهم فعلوا!
لو قالوا: لا يجوز الالتحاق بالمدرسة من منتصف العام، عودوا العام القادم.. حلم جميل.. لكنه لم يتحقّق!

بعد أسبوع:
يشتدّ المرض على جدّتي.. يبدو أن جدّتي تحتضر..

بعد ثلاثة أسابيع:
تنتقل روح جدّتي لبارئها.. لكنها بالتأكيد روح سعيدة.. قد سنحت لها الفرصة لترانا وتودعنا ونكون بجوارها حتى آخر لحظة.. رحمها الله..

وأمّا نحن..
فتستمر الحياة.. ولا ندري إلى أين تأخذنا غداً.. 

17‏/01‏/2012

قصة أهل البصرة من المسجدِيِّين

من كتاب البخلاء للجاحظ

قال أصحابنا من المسجديين:
اجتمع ناس في المسجد، ممن ينتحل الاقتصاد في النفقة، والتثمير للمال، من أصحاب الجمع والمنع. وقد كان هذا المذهب عندهم كالنسب الذي يجمع على التحاب، وكالحلف الذي يجمع على التناصر. وكانوا إذا التقوا في حِلَقهم تذاكروا هذا الباب، وتطارحوه وتدارسوه، التماساً للفائدة، واستمتاعاً بذكره.

فقال شيخ منهم:

ماء البئر:
ماء بئرنا - كما قد علمتم - ملح أجاج لا يقربه الحمار، ولا تسيغه الإبل، وتموت عليه النخل؛ والنهر منا بعيد، وفي تكلف العذب علينا مؤونة. فكنَّا نمزج منه للحمار، فاعتلَّ منه وانتفض علينا من أجله؛ فصرنا، بعد ذلك، نسقيه العذب صِرفاً. وكنت أنا والنعجة كثيراً ما نغتسل بالعذب مخافة أن يعتريَ جلودنا منه مثل ما اعترى جوف الحمار. فكان ذلك الماء العذب الصافي يذهب باطلاً.
ثم انفتح لي فيه باب من الإصلاح، فعمدت إلى ذلك المتوضأ، فجعلت في ناحية منه حفرة، وصهرجْتُها، وملستها، حتى صارت كأنها صخرة منقورة، وصوّبت إليها المسِيل، فنحن الآن إذا اغتسلنا صار الماء إليها صافياً، لم يخالطه شيء.
والحمار أيضاً لا تقزُّز له منه، وليس علينا حرجٌ في سقيه منه. وما علمنا أن كتاباً حرمه، ولا سنة نهت عنه، فربحنا هذه منذ أيام، وأسقطنا مؤونة عن النفس والمال.
قال القوم: هذا بتوفيق الله ومَنّه.

درهم على درهم:
ثم اندفع شيخ منهم فقال:
يا قوم لا تحقروا صغار الأمور، فإن أول كل كبير صغير، ومتى شاء الله أن يعظم صغيراً عظّمه، وأن يكثر قليلاً كثره.
وهل بيوت الأموال إلا درهم على درهم؟ وهل الدرهم إلا قيراط إلى جنب قيراط؟ أوليس كذلك رمل عالج، وماء البحر؟ وهل اجتمعت أموال بيوت إلا بدرهم من هاهنا، ودرهم من هاهنا؟

قال القوم: قد مرّت بنا اليوم فوائد كثيرة. ولهذا قال الأول: مذاكرة الرجال تلقح الألباب.

معاذة العنبرية:
ثم اندفع شيخ منهم فقال:
لم أرى في وضع الأمور مواضعها وفي توفيتها غاية حقوقها، كمعاذة العنبرية. قالوا: وما شأن معاذة هذه؟
قال: أهدى إليها العام ابن عم لها أضحية. فرأيتها كئيبة حزينة مفكّرة مطرق، فقلت لها: مالك يا معاذة؟
قالت: أنا امرأة أرملة وليس لي قيّم. ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي. وقد ذهب الذين كانوا يدبرونه ويقومون بحقّه. وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشاة، ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها. وقد علمت أن الله لم يخلق فيها، ولا في غيرها شيئاً لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة. ولست أخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر تضييع الكثير:
أما القرن فالوجه فيه معروف وهو أن يجعل كالخُطاف، ويسمر في جذع من أجذاع السقف، فيعلق به الزُّبل والكيران، وكل ما خيف عليه من الفأر، والنمل، والسنانير، وبنات وردان، والحيات وغير ذلك.
وأما المصران فإنه لأوتار المندفة، وبنا إلى ذلك أعظم الحاجة. (المِنْدفَةُ: خشبة النَّدَّاف التي يطْرُق بها الوتر ليرقِّق القَطن)
وأما قِحف الرأس، واللحيان، وسائر العظام، فسبيله أن يكسر بعد أن يُعرق، ثم يطبخ، فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللإدام وللعصيدة، ولغير ذلك، ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها، فلم يرى الناس وقوداً قط أصفى ولا أحسن لهباً منه، وإذا كانت كذلك فهي أسرع في القدر، لقلة ما يخالطها من الدخان.
وأما الإهاب فالجلد نفسه جراب. وللصوف وجوه لا تعد. وأما الفرث والبعر فحطب إذا جفف عجيب. 
ثم قالت: بقي الآن علينا الانتفاع بالدم. وقد علمت أن الله، عز وجل، لم يحرم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه، وأن له مواضع يجوز فيها، ولا يمنع منها؛ وإن أنا لم أقع على علم ذلك حتى يوضع موضع الانتفاع به، صار كيّة في قلبي وقذىً في عيني، وهمّاً لا يزال يعودني.
فلم ألبث أن رأيتها قد تطلقت وتبسمت. فقلت: ينبغي أن يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم.
قالت: أجل ذكرت أن عندي قدوراً شامية جُدُداً. وقد زعموا أنه ليس شيء أدبغ، ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم. وقد استرحت الآن، إذ وقع كل شيء موقعه.
قال: ثم لقيتها بعد ستة أشهر، فقلت لها: كيف كان قديد تلك الشاة؟ قالت: بأبي أنت! لم يجيء وقت القديد بعد. لنا في الشحم والألية والجُنوب والعظم المعرق وغير ذلك معاش. ولكل شيء إبَّان.

فقبض صاحب الحمار والماء العذب قبضة من حصى، ثم ضرب بها الأرض، ثم قال: لا تعلم أنك من المسرفين، حتى تسمع بأخبار الصالحين!


زبيدة بن حميد:
وأما زبيدة بن حميد الصّيرفي، فإنه استلف من بقال كان على باب داره درهمين وقيراطاً، فلما قضاه بعد ستة أشهر قضاه درهمين وثلاث حبات شعير.

فاغتاظ البقال، فقال: سبحان الله! أنت رب مائة ألف دينار، وأنا بقال لا أملك مائة فلس، وإنما أعيش بكدي وباستفضال الحبة والحبتين، صاح على بابك حمّال والمال لم يحضرك، وغاب وكيلك، فنقدت عنك درهمين وأربع شعيرات، فقضيتني بعد ستة أشهر درهمين وثلاث شعيرات.

فقال زبيدة: يا مجنون! أسلفتني في الصيف، فقضيتك في الشتاء، وثلاث شعيرات شتوية نديّة أرزن من أربع شعيرات يابسة صيفية، وما أشك أن معك فضلاً!



15‏/01‏/2012

ضحكة من قاع الحزن..

من عاشوا كل المأساة.. ومن أجل ذلك صنعوا السعادة.. فأجادوا صناعتها.. أولئك هم فلاسفة الضحك..  

تشارلي تشابلن..

ولد لأم وأب يمتهنان التمثيل والغناء وانفصلا قبل أن يبلغ الثالثة من العمر، عاش قسطاً من عمره مع أمه حتى مرضها ودخولها مصحاً للأمراض العقلية، فانتقل ليعيش في ملجأ للأولاد الفقراء وسط لندن وهو في سن السابعة، وقضى فيه عامين كانا من أقسى أيام حياته!

غادر الملجأ ليعيش مع والده وعشيقة والده وأخوين غير شقيقين، كان أبوه سكيراً ومات من جراء إصابته بتشمّع الكبد، ليجد تشارلي نفسه وهو في سن الثانية عشرة وحيداً بلا أحد!

بعد وفاة والده انضم تشارلي لفرقة غنائية راقصة، ومنها كانت انطلاقته نحو المسرح والسينما والعالمية، ليُضحك الملايين بأفلامه الصامتة والناطقة لما يزيد عن 50 عاماً.

من أقواله (يوم بدون سخرية هو يوم ضائع).


 إسماعيل ياسين..

هو الابن الوحيد لأب كان يعمل صائغاً للمجوهرات وأم ماتت مبكراً وخلّفته رضيعاً. عاش في منزل والده في السويس وعانا من جور زوجة أبيه، وقد أفلس والده واضطر لبيع محلّه، مما حدا به لتزوير العملات النقدية وانتهى به الأمر إلى السجن.

اضطر إسماعيل للعمل في سن صغيرة في محل لبيع الأقمشة ومن ثمّ في مسح السيارات، وترك منزله بحثاً عن حلمه في الغناء والتمثيل إلى القاهرة وهو في سن السابعة عشرة.

التحق بفرقة مونولوج بأحد أشهر ملاهي القاهرة، ومنها ذاع صيته وغنّى المونولوج على المسرح وفي الإذاعة، ومنها إلى الأفلام الكوميدية التي أضحكت وما زالت تضحك الملايين  حتى يومنا هذا.


14‏/01‏/2012

هيثم يسأل وأنا أجيب

جاء اختبار نهاية العام ( اختبااااااااااار ما ) والذي وضعه الأستاذ هيثم  متكاملاً وشاملاً لجميع نواحي المادة الدراسية، كما أنه احتوى على أسئلة منوعة شملت جميع مهارات التفكير من المعرفة والاستيعاب والتطبيق والقدرة على التحليل والاستنتاج... الخ

ورغم صعوبة وزخم الامتحان وضيق الوقت إلاّ أنني قد جاوبت معظم الأسئلة ونجحت بتفوق 20/20 مع علامتين بونص. ( وما نجحت تلقائي زي بعض الناس والحكي إلك يا جارة ).

أهم وأصعب أسئلة الامتحان كان السؤال الرابع (عرّف ما يلي تعريفا ً شاملا ً جامعا ً مانعا ً و … مملا )
1. تكافؤ النسب.
2. الفساد
3. عجز الميزانية.
4. ضرائب أخرى " بضم الهمزة لو سمحتم "
5. تم حذف السؤال ب " معول الرقيب "
6. ممر المشاة مساعدة =>”هي العلامات البيضاء عند الإشارات الضوئية”
7. وحدة الطوارئ في “بعض” مستشفياتنا  trick question
8. الزكاة
9. الغيرة على الأنثى
10. شيخ
11. حقوق المرأة
12. حقوق

ورغبة مني بنشر العلم والمعرفة سأنقل لكم الإجابات بالتفصيل:

1. تكافؤ النسب: هو أن يكون الرجل ذو منصب و مال وتكون المرأة ذات جمال أو ذات مال.

2. الفساد: شخص مجهول متهم في جميع الجرائم الكونية ولم يتم القبض عليه حتى اللحظة ولن.

3. عجز الميزانية: هي امرأة اسمها الميزانيّة لديها عجز (مؤخرة) كبيرة جدا، لذلك صارت مضرباً للمثل لكل شيء فيه مبالغة، كأن تقول في وصف خبر كاذب و مليء بالشطحات: ( خبرٌ كَعجزِ الميزانيّة).

4. ضرائب أخرى (بالضمة أو بغيرها الأمر سيان): هو مصطلح تجده في أي فاتورة (ماء, كهرباء, انترنت.. الخ) ويستخدم لتبرير ما لا يمكن تبريره.

6. ممر المشاة: هي مقابر للمشاة. ( هذا التعريف يصلح في الأردن فقط )

7. وحدة الطوارئ: لفظ خادع ويعني في الحقيقة عكس طارئ، وحدة التمهل أو وحدة اللاّعجلة.

8. الزكاة: هي صدقة تدفع بنسبة محددة 2.5% عن المال الفائض عن الحاجة الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول (عام كامل).
لكنه اليوم مصطلح منقرض، فلا يمكن أن يوجد لديك مال فائض عن الحاجة، ولو وجد، فلن يبلغ النصاب، ولو بلغ، فلا يمكن أن تدخره لحول كامل!

9. الغيرة على الأنثى: هو المبرر الذي تستخدمه لقمع كل أنثى.

10. شيخ: أي ذكر يرتدي دشداشة وله لحية ويقول بين كل جملة وأخرى (سبحان الله) و(لا إله إلا الله).

11- حقوق المرأة: مصطلح شائع ينطوي على قدر كبير من اللّغط والمبالغة (overrated).

12- حقوق: كلية جامعية تخرج طلاباً يمتهنون مهنة المحاماة أو القضاء.


11‏/01‏/2012

فيلم أمريكي طويل





عزيزتي الحكومة..
عندما قضيت الشهور الطوال في الترويج لفيلم القرن.. (( إعادة هيكلة التنـّين في رفع رواتب الموظفين ))..
وتراصصنا بالطوابير أمام شباك التذاكر..
وحبسنا الأنفاس.. بانتظار المخرجات الخرافيّة..
وتابعنا البطل يحاول فك الشيفرة الخنفشاريّة.. 
لينقذ العالم من انفجار كوني محقق..
ويضرب بأنامله مفاتيح الحاسوب بسرعة فائقة..
والعمليات الحسابية المعقدة تتسارع على الشاشة..
وتضرب الأساسات بالعلاوات وتطرح العشرات من الخصومات..
والعرق يتصبّب.. وقد بلغت القلوب الحناجر..
وهبطت المخلوقات الفضائيّة..
وفجأة..
وفي غمرة اللامنطقية والكآبة..
إذ بالسر ينكشف.. وإذ بالرقم الغامض ينعرف..

(12) ديـنــــار...
والذي لا يكفي لشراء فردة (حفـّـاية)..

عندها فقط.. ومع هذه النهاية (الهولووديّة)..
كان لزاماً علي أن أقف وأصفق وأصفق وأصفق لهذه العبقريّة..
وأنا أنشد بحماسة أغنية النهاية..

حكومتنا الرّشيدة.. لاكتب فيكي قصيدة.. شو ما قلتي.. شو ما عملتي.. صفـّينا عالحديدة..
و لولولولولولووووووولييييييش !


تنويه:
كلمة (حفـّـاية) تعني شيء ما يلبس في القدم وهي ترادف كل من الكلمات التالية:
خفّ.. شبشب.. بُلغة...  إلخ

10‏/01‏/2012

تحية مسائية



مساء الخير جميعاً.. وكل عام  وأنتم بخير..

اشتقت للجميع وبشدة، وساءني الغياب، لكن ظروف العمل في نهاية العام صعبة ومضغوطة.

أعتذر من كل من تابعني وعجزت عن الرد، وأعتذر بشدة من الحبيبة أم عمر، والتي تكلّفت عناء إصدار مذكرة جلب بحقي، لكني كنت مدفونة تحت طيات العمل وعجزت عن استلامها.

سأحاول المرور على مدوناتكم وسأقرأ ما فاتني.. ولي عودة قريباً ن شاء الله..