08‏/11‏/2011

نعيمة... (5) والأخيرة

أنا اليوم في العقد الخامس من العمر.. عدا عن كوني وحيدة..

حسناً.. عشت أماً لأولاد ليسوا بأولادي.. وجدة لأحفادي ليسوا بأحفادي.. ورعيت أبي شاباً وعجوزاً.. وقد ارتحل الآن.. لعالم آخر.. لن أتكلم أكثر عنه.. غفر الله لي وله..

وهل يدوم هذا الصمت؟ ربما سُمعت مناجاتي.. في الباب طارق.. ربما هو آخر طارق.. زوج بلا زوجة.. وبضعة أيتام.. أن أكون أماً لأيتام.. هذا عمل أجيده..

عارض من عارض.. رفض من رفض.. لماذا؟ في هذه السن؟ لم لا؟
أريد أن أجرّب.. ولو لمرة واحدة.. ألا يحق لي أن أجرّب؟

كعادتي أنتصر.. رغم أنوف الساخرين.. كيف تبدو خمسينية في ثوب الزفاف!.. اشتريته على أية حال.. ارتديته.. فرحت ورقصت.. وبكيت.. وارتحلت..

وصلت داري الجديدة.. وتملكني الرعب.. أهو رعب العروس الجديدة؟ دخلتها بتثاقل.. مشيت بتأنٍّ حتى باب غرفتي.. وقفت.. تأملتها.. جدرانها البيض.. فراشي الجديد.. وانتصبت أمامي.. خزانتي الجديدة..

آهٍ يا خزانتي.. تُرى.. أيكون مصيرك كما الخزائن الأخرى؟  تُرى.. هل أرجم بالحجارة؟ أينتصرون علي؟ هذه حرب لا طاقة لي بها...


07‏/11‏/2011

نعيمة... (4)

في الباب طارق.. أول خاطب..  لي؟ أنا أتزوج؟ حسناً.. لم أكن بحاجة لأتساءل كثيراً.. أو أفكر كثيراً..
رفض أبي وعارض بشدّة.. الأول فالثاني فالثالث فالخامس عشر.. لم أعتد أن أسأل.. لكنني أستخلص الإجابة.. ربما خاف أبي أن يفوته رزقي.. ربما خاف على نفسه.. أو خاف على إخوتي.. لمن سأتركهم؟ بطبيعة الحال لم أكن لأتركهم..

لكن.. أن يعارض زواج شقيقاتي.. فهذا كثير.. لا يوجد مبرر واحد.. أبداً.. وما كنت لأدعه ينتصر! واجهته.. حاصرته.. ضيّقت عليه الخناق.. بكل أقاربي ومن كل الجهات.. وافق مرغماً.. 

انتصرت.. ولكن.. هذه المرة للنصر ضريبة .. ارتحلوا.. جميعاً.. واحداً تلو الآخر.. الدار خاوية..
تُرى.. لو وافق أبي على زواجي؟ بالتأكيد كنت سأرفض.. ماذا لو أصرّ؟ كنت سأتمنّع.. ماذا لو أمرني وشدّد علي.. كنت سأرضخ.. كنت سأدعه ينتصر.. هذه المرّة.. لكن.. لم يأمرني أبي.. ويا ليته فعل..


واساني الأصدقاء.. كنت كالشمعة احترقت لتنير درباً لهم.. قمة التضحية.. أم قمة الغباء؟
تباً.. لقد احترقت!.. وأنا اليوم وحيدة.. 


- يتبع -

05‏/11‏/2011

نعيمة... (3)

إن تساءلتم هل كان هناك المزيد من الخزائن؟ فالجواب ببساطة هو لا..
توقف أبي ببساطة عن الزواج.. لم؟ لا أعرف سبباً دامغاً.. ربما ملّ النساء ومشاكلهن.. أو تحاشى المزيد من المخاسر المادية.. أرجح أن يكون هذا هو السبب.. فأبي ماديّ بامتياز..
عندما نكبر نتعرف على أهلينا من جديد.. ونجد أنهم كاذبون أو غشاشون أو حمقى أو.. صورة مغايرة عمّا اعتقدناه في الصغر.. في النهاية هم من البشر!

مازالت الخزائن الثلاث قابعة في مكانها حتى اليوم كأطلال المحبين.. كلما جاءنا زائر تساءل؟ وعلينا أن نشرح.. خزانة الأولى فالثانية فالثالثة.. جميل أن نضحك على الأطلال بدلاً من أن نبكيها..

إذاً.. ضلعت بكل مهام الزوجات.. صرت أنا الأم.. أنا الطاهية والغاسلة والماسحة.. الآمرة والناهية.. صرت أنا أساس البيت وعموده.. أتقنت ذلك أيما إتقان.. ربما من أجل ذلك لم يكن أبي بحاجة النساء.. ربما.. لا أدري..

لم يعن ذلك أننا لم نعش شذرات وعثرات.. لم نحزن  ولم نبكِ ولم نُقهر.. بلى.. فاليتم ذلٌ في جميع الأحوال.. لكننا صمدنا.. وانتصرنا.. أنهيت المدرسة والكلية.. وكذا أخواتي وأخي.. حصل كل منا على عمل يليق به.. بدا كل شيء حسناً.. حتى وقف بالباب طارق..


- يتبع - 

03‏/11‏/2011

نعيمة... (2)

على فكرة.. إسمي نعيمة.. أي اسم غبي هذا؟ طبعاً الحبكة التقليدية..اسم جدتي.. وليست أسماء شقيقاتي بأفضل.. يبدو أن أسماءنا كانت عفوية وليدة اللحظة ولم يبذل أحد أي عناء ليفكر أو يختار أي اسم عصري أو موسيقي!

لست بالغبية.. بالتأكيد أنا أفهم.. لقد انتصبت الخزانة الثالثة ووصل الفراش الجديد.. فالزوجة الجديدة.. لكن حتى هذه لا أذكرها كثيراً.. ولكنني أذكر بالتأكيد حديثها الخفي مع أحد ما عن إخراجي من المدرسة لأتكفّل بخدمة المنزل.. لا بدّ أن أرجمها بالحجارة.. وقد فعلت!

صحيح قد أنزل بي أبي قسطاً من العذاب ذلك اليوم.. وتطاير الكره والشرر من وجهها.. لكن على الأقل لم أخرج من المدرسة.. لا بدّ أنني انتصرت!

وارتحلت الزوجة.. كنت أظن أنني السبب.. هكذا سوّل لي عقلي الطفولي.. أنني انتصرت.. لكن الواقع أنها لم تكن تنجب.. فازدات كرهاً وحقداً.. ثمّ آثرت الرحيل..

- يتبع -



02‏/11‏/2011

نعيمة...(1)

حياتي تبدأ مذ كنت في التاسعة.. ولا يوماً واحداً قبل ذلك.. أنا لا أذكر شيئاً قبل ذلك.. حتى أمي التي خلّفتنا أربع طفلات ورضيع لا أذكرها.. ولا أذكر الكفن أو يوم الدفن.. لا شيء..

 لكنني أذكر يوم ارتحلت الخزانة.. يوم أخرجها أبي مرغمة وأعاد نصبها في غرفتنا.. وجاء بخزانة جديدة.. في ذاك اليوم ارتحلنا نحن لبيت جدّتي..

زوجة جديدة.. فراش جديد.. بيت جديد.. وأنا أحمل الرضيع وأطعم الصغيرات.. لكن كل ذلك لم يعجب جدّتي.. وكان ذلك إيذاناً بارتحالنا من جديد.. إلى بيتنا مرّة أخرى.. وغضبت زوجة أبي.. وارتحلت..

وارتحلت جدّتي لتقيم معنا.. وترعانا.. ما هذا؟ إمّا نحن أو الزوجة.. ويبدوا أننا قد انتصرنا.. فزوجة أبي لم تعد.. 

ارتحلت خزانتها .. إلى غرفتي لتؤنس الخزانة الأخرى.. لست بالغبيّة.. بالتأكيد أنا أفهم!   


- يتبع -


25‏/10‏/2011

Break

مساء الخير.
من أيام وصلتني  صورة عالإيميل لدليل الهاتف الأردني في عام 1965، يمكن الإيميل سبق ووصل لبعضكم بس رغم هيك حبيت أشارككم بالصورة. 

هالصورة ضحكتني كثير وخلتني أسترجع ذكريات الطفولة مع التلفون الأرضي.. متذكرينه؟
متذكرين القرص المدوّر ياللّي بيلف لمّا نطلب الأرقام؟
متذكرين صوت الحرارة؟
متذكرين لما كنّا نحكي التلفون بيرسل ما بيستقبل.. أو ما فيه حرارة؟
متذكرين لما كان التلفون 6 أرقام بعدين زادوه لصار 7؟
متذكرين لما كنّا إحنا الوحيدين بالحارة عنّا تلفون وكل الجيران تيجي تحكي من عنّا؟ 
متذكرين لما كنا ناخد التلفون عالغرفة ونحكي مع الأصحاب والحبايب بالساعات وإحنا جالسين؟ وركزوا على جالسين مو ماشيين ولا بنركض.



17‏/10‏/2011

واقع التعليم في الأردن.. أبرز المشاكل والتحديات

هذه التدوينة هي واجب تدويني وصلني من الأخ محمد متولي صاحب مدونة رحلة حياة، لنتحدث فيها عن واقع التعليم في العالم العربي وما يواجهه من صعوبات ومشاكل. 
  
المشكلة الأبرز.. اكتظاظ الغرف الصفية: 


أصعب مشكلة تواجهها المدارس الحكومية لهذا العام امتلاء الغرف الصفية بالطلبة لحد صار لا يطاق، فقد وصلت الأعداد في عدد من المدارس لـ 50 أو 55 أو 60 طالباً في غرفة صفية محدودة المساحة، مما يساهم في زيادة معاناة كل من الطالب والمعلم، فخنق هذه الأعداد من الطلبة يساهم في مضاعفة الفوضى وصعوبة السيطرة على الطلبة وانخفاض جودة التعليم.
   
تعود جذور المشكلة لازدياد عدد الطلبة بسرعة تفوق سرعة بناء المدارس، فبالإضافة للزيادة المضطردة للسكان فقد اضطرت المدارس الحكومية لاستقبال الألوف من الطلبة من أبناء المغتربين العائدين بعد حرب الخليج الثانية عام 1991م، واستقبال أبناء اللاجئين العراقيين بعد حرب العراق عام 2003م ، واستقبال عشرات الألوف من المنقولين من المدارس الخاصة في الأعوام (2007-2011) وذلك بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أقساط المدارس الخاصة بشكل مبالغ فيه يتجاوز قدرة الأهل. بالإضافة لاستقبال بعض من أبناء اللاجئين السوريين في بعض المدن بداية العام الدراسي الحالي. 

يساهم أيضاً في مضاعفة المشكلة صعوبة بناء المدارس لتتوافق مع أعداد الطلبة لارتفاع كلفتها التي قد تصل لمليون دينار أحياناً والحاجة طبعاً لمزيد من المعلمين يضاعف الكلفة، وسوء توزيع المدارس وخاصة الثانوية منها، ففي بعض الأحيان تتواجد العشرات من القرى والأحياء التي لا يوجد بها أي مدرسة ثانوية، أو توجد بها مدرسة لكنها توفر التعليم الأكاديمي لا المهني، أو أنها توفر أحد الفروع كالفرع الأدبي ولا توفر الفرع العلمي مثلاً، مما يضطر هؤلاء الطلبة لارتياد مدارس في أماكن أخرى مما يزيد من أعداد الطلبة في هذه المدارس بشكل كبير جداً.

هذه المشكلة خلقت الكثير من التبعات السلبية، فبعض المدارس تعمل بنظام الفترتين (الصباحي-المسائي) لاستحالة استقبال جميع الطلاب ضمن فترة واحدة، وإن كان عدد هذه المدارس قليل جداً في النظام الحكومي، إلاّ أنّ جميع مدارس وكالة الغوث الدولية تعتمد هذا النظام لارتفاع عدد الطلاب فيها.
كما يوجد في بعض المدارس الحكومية ما يعرف بـ (الصف الدوّار) وهو عبارة عن مجموعة من الطلاب ليس لهم غرفة صفية، مما يعني أن عليهم قضاء اليوم في الدوران من حصة لحصة بحثاً عن مرفق فارغ لأخذ الدرس كمختبر العلوم أو الحاسوب أو أي غرفة صفية تصبح شاغرة خلال أحد الحصص عند ذهاب طلابها لحصة الرياضة أو المختبر، ولك أن تتخيل مدى العبء وعدم الاستقرار الذي يشعر به الطالب وهو مضطر لحمل حقيبته على ظهره طول اليوم منتقلاً من غرفة لغرفة.


مشكلة المنهجية واللاّمنهجية:

صعوبة المناهج وضخامتها وحشو المعلومات الهائل، هي مسألة لا يختلف عليها إثنان، ولتزيد وزارة التربية والتعليم الطين بلّة قامت بإضافة مناهج تدريسية لمادة التربية المهنية والتي هي أصلا مادة تطبيقية عملية وكانت تعتبر ملاذاً للطالب ليرتاح من عناء الحصص الأكاديمية، كما أقرت الوزارة منهاج اللغة الفرنسية لطلبة الصفوف الأساسية الثامن والتاسع والعاشر في المدارس الحكومية، فمثلا طالب في الصف العاشر في مدرسة حكومية ملزم بدراسة 14 كتاباً دراسياً مختلفاً ( عربي، انجليزي، فرنسي، دين، رياضيات، فيزياء، كيمياء، علوم أرض، أحياء، جغرافيا، تاريخ، تربية وطنية، حاسوب، تربية مهنية)، بالإضافة للتربية الفنية والرياضية. وماذا يترتب على ذلك؟
زيادة عدد الحصص لتتلاءم مع ضخامة المنهج وعدد المواد وامتلاء اليوم الدراسي حتى آخر رمق، فيصل عدد حصص اليوم الواحد لسبعة أو ثمانية حصص متتالية يبدأ الدوام فيها من الساعة الثامنة حتى الثالثة إلا ربعاً تتخللها استراحة الفرصة التي لا تتجاوز 20-25 دقيقة!
بالإضافة لعدد هائل من الامتحانات، فالطالب يتقدم بـ 2 امتحان نظري و2 أنشطة تقييمية  لكل مادة في كل فصل أي ما يقارب 60 امتحاناً وتقييماً في الفصل الواحد لطالب الصف العاشر مثلا.
وفي هذا اليوم الدراسي المشحون كيف سيتسنى للطالب القيام بأي من الأنشطة اللامنهجية كالرياضة والرسم والعزف والمسرح وغيره؟ وبذلك فالطالب أمام خيارين، إما أن يقضي ليله ونهاره في الدراسة على حساب الأنشطة اللامنهجية أو يهتم بها على حساب دراسته! وكم من الإبداعات تقتل من أجل هذا السبب!


تحديات التعليم الثانوي.. الأكاديمي والمهني:


كان التعليم الثانوي في الماضي يقتصر في فروعه الأكاديمية على فرعي العلمي والأدبي، ومؤخرا تم استحداث فروع جديدة، كالتعليم الشرعي والصحي والإدارة المعلوماتية، وهذه الفروع ذات خصوصية في مناهجها، وهي تلاقي إقبالاً واضحاً من الطلبة، حتى أن بعض المتفوقين بدأ يلجأ لها ليحصل على معدلات عالية جداً لن يستطيع الحصول عليها لو درس الفرع العلمي مثلاً. وبإمكان طلاب هذه الفروع التنافس مع باقي الطلبة على معظم التخصصات الجامعية (باستثناء الطب- الصيدلة- الهندسة والتي تظل حكراً على طالب الفرع العلمي). 
وهذا سبّب أزمة في قبولات الجامعات وارتفاع معدلات القبول لبعض الفروع لأرقام قياسية تفوق المعتاد فخلال السنوات الثلاث الماضية ارتفع معدل قبول تخصص المحاسبة مثلا في أحد الجامعات من 88% إلى 92% وهذا يعتبر تغيراً كبيراً ومرعباً، ويحرم الكثيرين من الحصول على مقعد جامعي يتناسب مع رغباتهم وقدراتهم التحصيلية.    


بالنسبة للتعليم المهني والذي يضم فروعاً تطبيقية ( صناعي، فندقي، خياطة، تجميل، تربية طفل...) وكي يتسنى للطالب أن يكمل تعليمه الجامعي، فعليه أن يدرس مناهج إضافية في الأحياء والكيمياء، مع العلم أن طلاب الفروع المهنية يلجؤون لها هرباً من صعوبة المواد الأكاديمية ولضعف تحصيلهم العلمي، فلماذا هذا التعقيد؟ 
إضافة لذلك فإن عليه أن يتنافس مع جميع الطلبة (الأكاديمي والمهني) على المقاعد الجامعية وكل حسب معدله، وطالب الفرع المهني هو الخاسر على الأغلب لأن معدله في العادة أقل من غيره.
ألا يمكن تخصيص عدد معين من المقاعد الجامعية لبعض التخصصات المناسبة لطلاب الفروع المهنية ليتنافسوا عليها فيما بينهم وبدون الشروط أوالمواد الإضافية؟


هذه بالنسبة لي هي أبرز المشاكل والتحديات التي يواجهها نظامنا التعليمي، والتي أظن أنها عميقة ومتجذرة وصعبة وبحاجة لدراسة مطولة وحلول مكلفة جداً، وأظن أن سياستنا التعليمية في تخبّط وكلما أقترحت سياسات تطويرية جديدة فعلى الأغلب يزداد الأمر سوءاً، وأتخيل أن واقع تعليمنا قبل 20 سنة مضت كان أفضل حالاً !

10‏/10‏/2011

أبو صلاح .. البرّاني.. الجوّاني..

كم واحد فينا بيعرف أبو صلاح ولا ساكن جنبه.. يمكن أبو صلاح عمه أو حتى ساكن معه..
أبو صلاح.. عارفينه؟
أبو صلاح اللي بيشحتف أولاده كل يوم الصبح عالربع ليرة وبيروّح الظهر عازم 40 نفر على 100 كيلو لحم بلدي..
أبو صلاح اللي عمره ما سمّع مرته ولاّ حد من أولاده كلمة تسر ولا دعوة بالخير وذبحنا مدائح بأبو العبد وأبو محمد وغزليات بأولاد عايد وجادالله..
أبو صلاح اللي بيكون أول واحد بالجاهات والعزايم وبيوت الأجر وآخر واحد بيخذ أولاده عن باب المدرسة.. هاد إذا أخذهم أصلاً وما رجعوا مشي..
أبو صلاح اللي كل الناس بتستناه بالسهرات وبتتمناه بالطشّات.. وأولاده بستنوا على نار ليطلع من الدّار ولا يروح ينام ليرتاحوا منه شوي..
عارفينه؟



04‏/10‏/2011

مطلوب إستشارة نفسية 2

مساء الخير..

بتتذكروا زمان من أكمن شهر كتبت عن طوشتي مع مديرتي المصابة بجنون العظمة، تحت عنوان (مطلوب إستشارة نفسية)، وكيف إنها كانت تسعى لتطيرني وتنقلني لأسباب فنية لإني زائدة في مكان عملي..

المهم لحد الآن ما انتقلت ولا طرت.. ليش؟؟ اكتشفت إنه زميلاتي تناقشوا من وراي مع المديرة لحتى ما تنقلني، مش لسواد عيوني طبعاً!! بس لإنه إذا أنا زيادة فما راح يجيبوا حد بدالي، لذلك راح يتقسم شغلي عليهم وراح يزيد عليهم الحمل!! فصدر القرار مبدئياً إني أظل، صحيح (مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ)..

بس أنا هسه طقت ببالي إني أنا أكتب استدعاء وأطلب نقل ولا أقدم استقالتي حتى.. هيك لأرتاح من مناظرهم كلهم.. لكن إجاني خبر إنه المديرة قرّبت تتقاعد، لإنها كمّلت 32 سنة خدمة ودخلت بال 33 !! أنا بصراحة مش عارفة كيف واحد فيه عقل بتحمل وظيفة الحكومة كل هالسنين، وتفاءلت والله..

لكن الحكومة موقفة التقاعدات حالياً، قال شو؟ علشان إعادة الهيكلة.. بس ياااا خوفي لما يهيكلوا مديرتنا تروح تطمع وتظل بوجهنا كمان ثلاث ولا أربع سنين... يااا رب إدعوا معي إنها تكون من الفئة اللي راح يقل راتبها مع الهيكلة بلكن تحل عنا!!


بختم بسؤال طريف سمعته مرة على الإذاعة بيحكي (من هو المدير؟)
الجواب: هو الشخص الذي يصل باكراً عندما تصل متأخراً، ويصل متأخراً عندما تصل أنت باكراً !

02‏/10‏/2011

كُـلّنـا لـيـلـى

ليلى.. ما تمشي مع فلانة.. ولازم ما تكثري طلعات.. لإنه العالم شو بدها تحكي؟  ولازم تلبسي هيك.. وما تضحكي بصوت عالي.. يعني مش عارفه إنه صوتك عورة؟ ولازم تحطي شوية ميك أب.. علشان تبيني بنت يعني.. ولازم تدرسي ليصيرك مستقبل.. لإنك بلا مستقبل شو راح تعملي؟ بس إذا درست لازم تدرسي هاد التخصص.. لإنك بهداك التخصص شو يعني راح تنجزي؟ إذا تخرجتي لازم تشتغلي.. لإنك بلا شغل كيف راح تتجوزي؟ ولازم تتجوزي.. لإنك بلا جوز شو يعني بتسوي؟ ولازم تخلفي لإنك تجوّزتي .. ولازم تربيهم لإنك خلفتيهم.. ولازم تشتغلي لتطعميهم.. وهاي مشكلتك.. لازم تنسقي وقتك بين شغلك وبيتك.. وشو هاي بدك تكملي دراستك؟.. انطمّي.. بكفي بتعرفي مسح الغبرة..
لازم تسمعي حكي جوزك..لإنه طاعته واجبة.. ولازم تسمعي كلام أبوكي وإمك وأخوكي وعمّك وخالك وجدك.. لإنه أكيد بعرف أكثر منك.. ولازم تشاوري في كل شي قبل ما تعمليه.. حتى لو جارتك.. ومقسوم لا تاكلي.. وصحيح لا تقسمي.. وكلي تتشبعي..


بس إذا حدا قرّر يفرض رأيه عليكي .. لازم ترفضي وما تسمحي.. وين حقوقك؟ وشخصيتك؟ وكرامتك؟ لازم تدافعي عن نفسك.. لازم تكتبي عن معاناتك.. وقهرك.. لازم يكون عندك رأي!! لازم بكرة نفتح جروب على الفيس بوك.. كلنا ليلى.. ولازم كل وحدة تشارك وترفض وتنادي.. وبوعدك إني أنضم مع شي مليونين ونص فرند.. ولجان المجتمع والأمم المتحدة وحقوق المرأة والصحافة والإعلام واليانصيب.. والندوات والمؤتمرات.. وبوعدك إنه كله حكي فاضي.. بس لازم تتغيّري.. ومش لازم تفهمي.. يعني لازم تفهمي؟
يا ذكيّة.. إحنا اللّي خلقنا المظلمة.. وبنستغلك تنلاقي الحل.. إنت المشكلة.. وبوعدك إنه ما فيه حل..



30‏/07‏/2011

دعوة للتعايش

حزنٌ.. كربٌ.. بؤسٌ.. أسى.. 

نخال حقاً أنه موجود.. ونظنّ حقاً أن شخصاً ما يعيشه..
فقير ربما.. أو مريض على فراش الموت..
لكن هل هو حقاً يعيشه؟

جميعنا نعرف الهموم.. لكن، هل نغرق لهذه الدرجة في الحزن ونعجز عن الفرح؟

حتى الفقير يبتسم ويعيش يومه وله صحبة وخلاّن.. وحتى المريض يفرح ويتأمل الشفاء..
والطفل يفرح.. والمرأة والرجل والعجائز.. وجميعنا نمضي ونعيش..

أمّا بؤس الشعراء وكرب الروايات وحزن المغنين ودراما الأفلام.. والتغنّي والتلذّذ بالألم.. مجرّد ترّهات ومبالغات لا نعيش مثلها في الواقع..  

ثم ماذا لو عجزت عن تغيير يومك؟ وماذا لو عشت في ذات الحال للأبد؟ ماذا لو ينقصك الكثير؟ وماذا لو قُدّر لك أن تعيش مئة عام؟
ستعيشها بطبيعة الحال... أولا تعيشها وتتقبلها تماماً كما هي.. أم تقضيها لاعناً ساخطاً؟ 

هذه ليست دعوة للمثالية.. وليست دعوة للتفاؤل المفرط..
إنها دعوة للتعايش..
دعوة للتصالح مع نفسك.. ومع يومك.. ومع غدك.. وتعيشه كما ينبغي أن يُعاش..




23‏/07‏/2011

المرأةُ الصَّخرة

للكـاتب الأردنـي الـراحـل: مـحـمـد طـمّـلـيـه

أنتِ. هات كل ما لديكِ. ((أطناناً)) منكِ. ((أونصات)) و ((سبائك))، ما يزن ويعادل كل النساء. وما مجموعه امرأة واحدة فقط: أنتِ، ليس إلا.

أنتِ بالكامل، دون نقص بل زيادة: أضيفي مقدار ملعقة الندى، ورشّي رذاذاً، وضعي في المقلى شريحة من الغيم: دعي الطنجرة على نار هادئة. ثم أسكبي دمعي كي تنضج ((الطبخة)). وهذه لا تؤكل بـ ((الشوكة والسكين)). وإنما بعشرة أصابع أبصم بها أنني ((أحبكِ)).

أنا جائع، فكليني. واشربيني لأرتوي: حدّ الشبع والتخمة وما تزال بي ((خصاصة)) للماء والهواء... وأنتِ.

ها أنا أكتب شعراً، مع أنني ناثر: أنثريني، وانشريني على حبل غسيلك كي أقطر شوقاً للماء، أو جفّفيني مثل ((بامياء)) ملظومة في خيط يتدلى من السقف في ((غرفة الخزين)). وأنتِ ((الخزنة)). و ((المذبح)) وكل ((البتراء)).

((بترا)). ((المرأة الوردية)): امرأة منحوتة في الصخر: كوني أشدّ صلابة كي يرتطم رأسيِ بكِ، فأصحو عليكِ.



19‏/07‏/2011

أذنــــــــــــــــــاب

أذناب.. قصة من جزئين سبق لي نشرها قبل عام تقريباً، أعيد نشرها اليوم كهدية لكل "القرفانين" من عملهم اليومي شاملاً ذلك مدراءهم و زملاءهم، وهدية للخريجين الجدد، المستجدين على بيئة العمل.. رين و الرصاصة...

...(1)...

اجتمعوا في الساحة أمام المبنى وهتفوا " لا لنقل أبو حسام"، اعتصموا ذلك اليوم ورفضوا دخول مكاتبهم،" القرار تعسّفي" صرخوا... رفضوا قرار الإدارة العليا بنقل مديرهم، كتبوا العرائض، تظلّموا، طالبوا بإلغاء القرار... أعادوا الكرّة في اليوم التالي واليوم الذي يليه... ولكنّ قرار الإدارة العليا كان نافذاً.

ذرفوا الدموع يوم الوداع، " ما مر علينا أحسن منك يا أبو حسام"، " راح نستفقدلك بس شو طالع بإيدينا". ركب سيارته ورحل وفي اليوم التالي وصل المدير الجديد.

كأي مدير يريد "أبو سند" أن يفرض سيطرته وهيبته من اليوم الأول، لذلك عقد اجتماعاً طارئاً منذ لحظة وصوله: " المهم عندي الالتزام، التزم بمكتبك ومهامك، لو سمحتوا ما حدا ينقل حكي عن الثاني، أنا لحالي بعرف الموظف اللي بيشتغل من اللي بايعها... ما راح أتهاون مع حد، ما فيه غياب بدون عذر، اللي بيغلط بيتحاسب، الكل تحت القانون حتى أنا..."

-" ماله هاظ عاصص على حاله هيك؟ "
-" خلّيه يا زلمة يحكي، مين اللي راح يرد عليه؟ طول عمرنا بنعمل اللي بدنا إياه وبس. "
-" هسه لو خلّولنا أبو حسام مش كان أحسن؟ "
-" اسكت واتركنا من سيرة أبو حسام من كثر ما كنّا نحبّه؟ "
-" مين حكالك إني بحبه، بس اتعوّدنا عليه وفهمنا كيف نعامله، هسه بدنا نبدا مع هاظا من جديد."

مرّت بضعة أسابيع وبدأت العقوبات تحلّق فوق رؤوس الموظفين، جلس عصام وعبدالله يتناقشان في الأوضاع الجديدة، فإذا بمحمد يدخل وعلامات الغضب واضحة على وجهه، "شفتوا هالمدير هالابن ال !!!!!!! خصم من راتبي وكلّه افترى وتبلّي".
-عصام:"حالي من حالك. "
-محمد:" طيب شو بدنا نعمل؟"
-عصام:"ولا شي بندخل عليه وبنتأسّف وما بنعيدها وسامحنا."
-محمد:"لا والله ما بعتذر، والله غير أشتكي عليه."
-عبدالله:" سيبك من هالحكي الفاضي، شو راح تعملك الشكوى؟ راح يحط حطاطك بزيادة، خلص اتأسفله وراح يلغيها."
-محمد:"يعني اتمسّح وأترجّى!"
-عصام:" يا زلمة الحياة كلها هيك بدها مداراة، والإيد الّي ما بتقدر تعضها بوسها "
-محمد:"أصلاً مش جايب أجلنا غير أشكالك وأشكاله، أنا غلطان اللي جيت وحكيت معاكو، سلام."

نظرا لبعضهما البعض وأغرقا في الضحك على محمد المسكين الذي لا يدرك أين تكمن مصلحته، وخرجا متوجهين صوب مكتب المدير، دقّا الباب ودخلا، وكان المدير يتحدث بالهاتف والسماعة على أذنه...

"أبو سند بدنا نحكي معك"
طيب اتفضّلوا - أبو رياض برجع بحكي معك بعدين" وأغلق سماعة الهاتف.

بدأ عصام وعبدالله بالترجّي وإلقاء عبارات الأسف والندم وتعهّدا أن لا يعيدا الكرّة فسامحهما المدير وخرجا من عنده سعيدين، عند الباب: " اتفضّلت علينا سيدي... اتفضّلت."
عصام:"شفت كيف انبسط واحنا بنمجّد فيه، شفت قدّيش كبر راسه وانتفخ؟"
عبدالله:"انسى المهم التغت العقوبة، بس كل ما بدنا نشوفه بدنا نسلّم ونأهل... الله يعينّا!"

بدأ عبدالله وعصام رحلة الألف ميل في كسب ثقة المدير الجديد، لم يكتفيا بتملقّ المدير بل تحوّلا بعد فترة لساعديه الأيمن والأيسر. من مكتب لمكتب وبأسلوب استخباراتي كلاسيكي كانا يوكِلان الشتائم للمدير ويغرقانه بالانتقادات، فإذا ما بدأ الموظفون بالاستجابة حفظوا كلامهم ونقلوه في ثوان للمدير. أصبحا في غضون أشهر منافسين جادّين لمراسلي الجزيرة وال سي ان ان، لم يغفلا عن حدث مهما كان صغيراً. ولم يخل الأمر طبعاً من انتقاد المدير القديم، "والله احنا محظوظين فيك يا ابوسند، والله ابو حسام ما قدر يعمل اللّي عملته"، "ابوحسام كان متسلّط" ".. كان مدير ضعيف ما عنده قرار.." وهكذا (كُلَّمَا جَاءَت أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا).

وعندما سُئِل عصام وعبدالله عن السبب الذي دفعهما لمثل هذه التصرّفات علّل عصام:" كل المدرا مريضين نفسياً، الواحد منهم ما بيشعر بقيمته إلاّ إذا دخلت عليه اترجّيته أو مدحته، والمصلحة بالنسبة إلنا متبادلة، هو بتتحسّن نفسيته وبشعر بقيمته وإحنا بترتقع أسهمنا عنده وبيعمللنا اللّي بدنا إيّاه، وزي ما قال المثل يا عزيزي ’نفّع واستنفع‘".

طبعاً لم يدم الحال طويلاً، فمع كثرة الشكاوى في حقّ أبو سند قرّرت الإدارة العليا نقله من دائرته عقاباً له، وتكرّر المشهد مرة أخرى، اعتصم الموظفون واجتهدوا في توقيع العرائض وهتفوا، لكن لا فائدة، بكى الجميع بكاء تملّق ونفاق وهم يودّعونه، إلاّ اثنين منهم، كانت دموعهما حقيقية ووجعهما حقيقياً:

فقد أدرك عصام وعبدالله أنّ عليهما الآن أن يبدءا من جديد...


... (2)...

...
وخرجا متوجهين صوب مكتب المدير، دقّّا الباب ودخلا، وكان المدير يتحدث بالهاتف والسماعة على أذنه...

 " أبو سند بدنا نحكي معك ".
" طيب اتفضّلوا - أبو رياض برجع بحكي معك بعدين " وأغلق سمّاعة الهاتف.
بدأ عصام وعبدالله بالترجّي وإلقاء عبارات الأسف والندم وتعهّدا أن لا يعيدا الكرّة، فسامحهما المدير وخرجا من عنده سعيدين، عند الباب: " اتفضّل علينا سيدي ... اتفضّلت".

رفع أبو سند سمّاعة الهاتف وعاود الاتصال بصديقه أبو رياض.
-" سلام، مالك يا زلمة ليش سكّرت التلفون ؟ "
-" دخلو علي موظفين، قلت بخلّص منهم وبعدين برجع بحكي معك ".
-" شو بدهم؟ "
-" ولا شي ، اثنين مسّيحة جوخ، اجو يترجّوني ارفع عنهم العقوبات. "
-" بتعرف يا أبو رياض هذول الموظفين بيذكروني بدورة حياة الضفدع ".
-" كيف يعني؟ "
-" الموظف فيهم بيكون زي أبو ذنيبة أوّل حياته بيظل يهز بذنبه جوا المستنقع اللّي عايش فيه علشان يصل من مكان لمكان، بعد فترة بيبدا يتطوّر ويكبر، بصير جلده أخضر ومرطّب، وكل ما مر عليه وقت أكثر بيصير شكله مقزّز أكثر. لكن طِلع أو نِزل بيظل ضفدع! "
-"ههههههههه، ضحكتني يا زمة، والله عجبتني. بس يا أبو سند مش إنت كمان موظّف ؟"
- " لا. أنا لحقتني نظريّة التطور وصرت هسّه حوت. "
-" هههههههههه، بتعجبني يا أبو سند. "

خلال عمله كمدير للدائرة عقد أبو سند الكثير من الاجتماعات الخفيّة، وجنّد العديد من الموظفين المخلصين له من الوصوليين، و لم تكن العقوبات التي أتحف بها موظفيه إلّا وسيلة لاستقراء ردود أفعالهم ليتمكن من تحديد الحاشية المناسبة، ونجح نجاحاً باهراً في فرض سيطرته على المكان من خلال تجسيد معاني الشلليّة وضرب الموظفين ببعضهم والتفرقة بينهم.

عندما سُئِل أبو سند ما الذي يدفعه لمثل هذه التصرفات، قال معلّلا: " هذول الموظفبن مريضين نفسياً وشخصياتهم مهزوزة، ما بيشعر الواحد فيهم إنه بيسوى وعنده كيان إلّا إذا لقيله حدا كبير يستنجد فيه ويركن عليه، وبالمقابل وزي ما انت شايف أنا بعرف كل شي بينطبخ وبينقال بهالدائرة وأنا قاعد ورا مكتبي، وزي ما قال المثل: ’يا بخت من نفّع واستنفَع‘ " .

سلوكيات أبو سند السيّئة لم تصبّ في مصلحته، فقرّرت الإدارة العليا نقله من دائرته عقاباً له. وغضب أبو سند غضباً شديداً، وأراد رفض القرار لكنه لم يتجرأ أن يواجه الإدارة، فاستنجد بحاشيته لإثارة الفوضى ورفض القرار والاعتصام وتوقيع العرائض، واستجاب الأغبياء لمطالب زعيمهم وهم لا يدركون أنه قد وضعهم في الجبهة الأمامية في المواجهة واختبأ وراءهم ليحفظ لنفسه خط الرجعة. ولكن دون جدوى...

رغم أنفه أُجبر على ترك دائرته، وقبل أن يركب سيّارته ويبتعد، نظر لجموع الموظّفين المودّعة له ودموعهم تسيل على خدودهم، نظر إليهم باشمئزاز وقرف وقال في نفسه:

"صحيح بتظلكو ضفادع ! "


17‏/07‏/2011

أنــــا...

من أنا؟
أنا جلجامش.. لن تنتصري علي يا عشتار.. لن تقتلي أنكيدو.. سأطعمه زهرة الشباب وسأسحق الأفعى.. وسنركب البحر سوياً.. سنبحر في فـُلك نوح حتى شواطئ قرطاجة.. فأنا هنيبال.. وسأسحق روما.. وسأدوس الخونة أيضاً بالفيلة.. لن يتآمر علي أحد.. وسأنتصر.. سأحرق روما.. فأنا نيرون.. وأنا قورش العظيم.. العالم كله ملكي.. حتى إنجلترا.. وسأهزم الملك آرثر.. وسأطيح بروبن هود.. وسأسرق ليديا.. وسنركب معاً الباص الأحمر ذو الطابقين حتى فرساي.. وحبيبتي أوسكار تنتظرني عند حائط الباستيل.. فأنا أندريه.. ولن تقتلني الرصاصة.. فأنا أرتدي سترة واقية.. ومعاً سنقود الثورة.. وسنحرّر العالم.. وسنحكم العالم.. أنا وأنت.. أنا ملك وأنت ملكة.. وأنا.. من أنا؟.. أنا كاتم صوت.. في مسدس قاتل مأجور.. وأنا سيارة مفخخة.. وأنا..
.... 
إييييييه.. طيب يمّه هلكتيني.. هيني جاي.. 
....

من أنا؟
أنا الظاهر عمر .. وكل يوم أ ُحشد إلى المدرسة.. وأنجو... نعم.. أنجو... وأخوض في اليوم الواحد غمار عشرات المشاوير.. قصدي.. المعارك.. من أجل أمي وجدتي.. من أنا؟ من أنا؟ 


أنا بطل أسطوري !


13‏/07‏/2011

كرتـونة تـايـد

شورت قصير كحلي و"شبشب" بني رخيص.. في قمة الشارع قرفص محمد وأخذ بربط الكراتين.. " عبوده .. جيب معك سكّينة".. يخرج عبود من باب الدار مسرعاً حاملاً السكين.. يتوجه أسفل شجرة التين التي يستفيء بظلها 15 كرتونة هي حصيلة مرابطة محمد وعبود كل مساء أمام الدكان.. يلتقط كرتونة تايد وكرتونة شيبس البوشار ويسرع باتجاه محمد.. وينهمكان بالقص والتربيط.. 

ترصد سلمى المشهد من الشباك وتنطلق كالقذيفة نحوهما.. فستان أحمر قصير جداً و ربطة شعر بيضاء في قمة الرأس ترفع شعرها الأشقر عالياً ليسقط في كل الأنحاء كنافورة ماء.. وقدمان حافيتان..

سلمى: " بدي ألعب معاكو.."
محمد: " أفففف.. ما أزنخك.. فش يوم نطلع نلعب فيه إلا وبتنطيلنا.."
عبود: " اسمعي.. بالأول دورنا أنا ومحمد وبعدين بيجي دورك."

يرتمي كلاهما على بطنه فوق مزلاجين من الكرتون ويرفعان اليدين والساقين عالياً.. " يللا يا سلمى دزّينا" .. تمسكهما سلمى من رماّنة الساق وتدفعهما تباعاً.. ويتزحلقان بسرعة نزولاً في الشارع الضيّق.. صراخ وضحك عالٍ جداً.. 

سيارة سوداء كبيرة تقلّ رجلاً بربطة عنق ونظارة شمس وطفلتين.. " شكلنا يا بابا ضيعنا الطريق..." يصمت الرجل برهة ويفتح النافذة فيرى طفلين.. راما و نادين أيضاً تنظران للطفلين.. تفتح نادين النافذة وتقول باستهجان.. " شوفي شو بيعملوا ! "..

ينادي الرجل على الطفلين فيقتربان.. " يا شطّور ناديلي أبوك من البيت".. يسرع عبود نحو المنزل لينادي والده.. ويقترب محمد من النافذة الأخرى فيرى بنتين.. ويبتسم.. " تعالوا إنزلوا إلعبوا معنا ".. فتردّ إحداهما بقلق.. "إحنا ما بنلعب في الشارع !" .. وتغلق النافذة..
يعود عبود برفقة والده.. ويتحاور الرجلان حول اتجاهات وإرشادات ما.. وتنطلق السيارة..

تنظر نادين لوالدها.. " بابا.. شفت هدول الأولاد.. بيتزحلؤوا عالكرتونة بالشارع" !
" معلش يا بابا.. هدول  يا بابا فقرا.. ما عندهم سكيتس.. مساكين.."
فتنطق الأختان معاً وبتنهيدة مشتركة.." يـا حرااااام".. 

يشدّ محمد عبود من يده.. " شفت.. كان فيه في السيارة بنات.. حكيتلهم ينزلوا نلعب بس ما رضيوا.."
" ليش؟ شو ما لهم؟ "
" مش عارف.. ما بدهم ينزلوا من السيارة.. شكله أبوهم حابسهم.. مساكين.."
" بيحزنوا.. شكله أبوهم شرير.." !
وبأسى مشترك.. " يــا حراااام "..

"اسمع.. هاي سلمى فضحتنا.. إلها ساعة بتصرخ.. يللا نروح ندزها.."
"أنا راح أروح قبلك.. هاي .. سبقتك.. آنا الأول..آنا الأول.."
" إيه اسبقني.. عااادي.. أصلاً.. الأول حمار.. واللي بالآخر شطّار.. الأول حمار.. الأول.."

12‏/07‏/2011

حالٌ و مُحالْ



أغرب الأماكن هي التي لم نزرها بعد... وأمتع الأحلام هي التي لم نغفو قبلها بعد..
أبلغ الكلمات هي التي لم نقرأها بعد... وأرق الأحبة هو الذي لم نعشقه بعد..
أجمل اللحظات هي التي لم نعشها قط..
ولن نعيشها قط..



07‏/07‏/2011

أوراق

هي الورقة الأخيرة التي يودع بها حبيب حبيبته.
نص أدبي للكاتب والروائي الفلسطيني غسان كنفاني. 

أعجبني النص فأردت أن أشاطره معكم..  

((... أنا مشوش جداً.. لذلك تبدو أفكاري مهزوزة... والذي يشوشني خبر زفه الطبيب إلي ظهر أمس.. لقد بدأ هذا القلب المسكين يتعب.. إنه يخفق بلا جدوى.. وحينما أنظر الآن إلى الأشياء أحس بأنني خارجها.. إنها مسحوبة من المعقول.. إنني لا أخاف الموت، ولكنني لا أريد أن أموت.. لقد عشت سنوات قليلة قاسية وتبدو لي فكرة أن لا أعوض فكرة رهيبة.. إنني لم أعش قط.. لذلك فأنا لم أوجد.. ولا أريد أن أغادر دون أن أكون، قبل المغادرة موجوداً.. أتعرفين الذي أعنيه؟؟... إن شعوري غريب جداً.. شعور إنسان كان ذاهباً إلى مكان ما كي يتسلم عملا ملائماً، فمات - فجأة - في الطريق..

إن شعوري الآن هو هذه " الفجأة " بالذات...

لتحاولي أن تنسيني.. أنا لا أستحق ذكراك عني، كوني متأكدة من ذلك.. أنت تملكين الأمل ولألوان والحياة والذكاء والجمال.. فلماذا تتمسكين بإنسان لا يملك سوى سواد قدره؟ حاولي أن تنسي.. أو حاولي أن تصعدي - وأصر على هذه الكلمة - أن تصعدي ذلك الحب إلى صداقة.. أنا لن أحاول شيئاً، سوف أرقبك وحينما أراك سعيدة.. سوف أشعر بأنني لست سبباً في تعاسة إنسان أحبه.. أحبه رغم كل شيء.. كوني متأكدة أنني لا أعتقد أنك سبب تعاستي.. لقد شغلت ثلاث سنوات من حياتي بأمل لم أذق مثله كل عمري.. وهذا يكفي في عالم لا يعطي المقابل..

آه يا عزيزتي لو استطعت فقط أن أمزق هذه الرسالة وأكتب لك واحدة أخرى أكثر إشراقاً.. آه لو استطعت.. ولكني أعرف أنني لا أستطيع.. إن الذي يستحق التمزيق هو حياتنا جميعاً..

آه لو استطعت أيها الحب أن نتفق أنا وأنت والقدر
على تمزيق هذا الطابع الحزين للعالم
إلى قطع صغيرة صغيرة..
ثم نعيد بناءه كما تشتهي قلوبنا! ))

05‏/07‏/2011

المعاكسات.. جرأة أم وقاحة أم ماذا؟



بالنسبة لخبرتي بالمعاكسات فهي لم تكن كثيرة ومؤثرة والحمدلله.. كلام و"تلطيش" يمر مرور الكرام وكنت غالبا ما أمشي ولا كإني سامعة ولا ألقي بالاً .. لكن في حادثة أذكرها وأنا بالمدرسة ذات ذكرى لطيفة.. كنت ماشية وراجعة من المدرسة أنا وصديقتي.. وهي زميلتي في الصف وساكنة في شارعنا فكنا متلازمتين ونروح ونيجي سوا على طول.. فواحد حب يعاكس فحكالنا "أحلى وحدة بالنص" فإحنا فرطنا ضحك لإنا ثنتين بس ولا وحدة بالنص.. طبعا هبل مراهقين.. وهو ما صدق صار كل يوم يستنانا.. "أحلى وحدة إشاربها أخضر".. "وأحلى وحدة بنطلونها أحمر".. لحد ما ازهقنا منه بعد كمن أسبوع وحكيناله " ما أزنخ وجهك".. فراح الشب انطمز واختفى وما شفناه بعديها.

بس هالتدوينة اليوم بدي أحكي فيها عن نوع آخر من المعاكسات.. معاكسة بنت لشب.. واللي صدق أو لا تصدق صارت موجودة هالأيام.. راح أحكيلكم قصة شاب قريب إلي اتعرض لمعاكسة وكادت تتطور الأمور تقريباً لمصيبة.. بس الله سلّم..

هو شاب من سكان الإمارات إجا عالأردن بعد الثانوية العامة ليدرس بالجامعة، وسجله والده بجامعة أهلية في عمّان، والده رجل صارم وجاد بشكل كبير.. واختار هالجامعة بالذات لإنه إله فيها معارف وراح يكون على اطلاع على علاماته أول بأول.. والشب بيحسب حساب لأبوه وبيخاف منه كثير..

في أول سنة إله بالجامعة لفتت اتباهة بنت كانت كتير تضحكله وتعطيه انطباع بالرضى.. وهو كان مبسوط وعاجبه الموضوع.. وشوي شوي تعرفت عليه البنت وطلعت من نفس كليته لكن سابقيته بسنتين.. وعرضت عليه رقم التليفون إذا محتاج مساعدة أو سؤال أو كتاب مثلا.. وهو طبعا وافق.. وصارت من فترة لفترة تتصل وتطمئن عليه.. وكيفك وشو عامل.. عازمتك بكرة عالفطور بالكفتيريا... ومن هالحكي.. وشوي شوي بتتطور الأمور.. مسجات صداقة وإعجاب.. لحد ما اعترفتله "أنا بحبك".. وهالشب بيأكد إنها دائماً كانت هي المبادرة في كل مرة.. هو هون تراجع.. وحكالها بلاش وخلينا أصدقاء.. هو بيحكي أنا كنت حاسب حساب لأبوي يعرف.. وخايف علاماتي تنزل.. وأبوي مش شخص بياخد الأمور ببساطة.. ممكن يحكيلي روّح عالإمارات ومفيش تعليم.. بيعملها بكل بساطة!

البنت ما عجبها هالرّد طبعا.. صارت تتصل فيه وتضايقه.. حاول يشرحلها إنه حلّي عني بالزوق بس ما نفع الكلام.. بطل يرد عالتلفونات.. فصارت المضايقات من نوع آخر.. صار فيه شباب ما بيعرفهم يتصلوا فيه ويسمعوه كلام بذيء وبهدلة ومسبات ويبعتوله مسجات سيئة.. لحد ما مرّة واحد تصل فيه وحكاله إحنا راح نتبلاك.. ونحكي إنك تحرشت فيها وعملت كذا وكذا.. وراح نشهد عليك !!

هون الشب المسكين ارتعب!! خاف عن جد إنه يروح عالسجن، وشو ساعتها راح يعمل فيه أبوه!

وظل المسكين مصفرن لشهر.. لحد ما واحد من زملاؤه بالكلية حكاله إنت شكلك مو طبيعي.. وحلف عليه ليحكيله القصة.. ولما حكاله هالزميل قال له بسيطة! أنا والدي بالأمن العام تعال خلينا نروح نحكيله ونشوف شو بينصحنا.. وفعلاً بعد المقابلة مع الأب حكاله عمّو المسألة بسيطة إنت سلّمني الموبايل وأنا بفرجيك فيهم.. طبعا من الأرقام تم التعرف على أصحابها وتم استدعاء كمن واحد منهم للتحقيق.. مع شوية بهدلة وفركة إذن.. وفجأة وبين يوم وليلة انتهى الموضوع.. واختفت البنت.. وبعد ما كانت بوجهه طول النهار.. بطل يشوفها أبداً.. 

لكن اللي كان محير هالشب إنه البنت كانت مبينة بنت عالم وناس .. وكلامها كان كله أدب و ذوق.. بس كيف طلع معاها تعمل هيك؟  ومن وين إجتها كل هالجرأة؟ أنا مش عارف؟  


23‏/06‏/2011

نساء بلا رجال

  




في الحروب التي يصنعها الرجال.. وينتصر فيها الرجال.. ويضيع فيها الرجال.. 
تبقى النساء وأطفالهن.. الخاسر الأكبر..

بمناسبة إطلاق اليوم العالمي للأرملة... في 23- حزيران - 2011



02‏/06‏/2011

بنو آدم إخوة !

أمر بديهي... فكلنا إخوة..
أبونا آدم الذي خلق من أديم الأرض وأمنا حواء التي خلقت من ضلعه الحي.. ومنهما كان العالم..
وقد أثبت العلم اليوم صحة هذا الأمر وأكده، وإن كنا مؤمنين به ولسنا ننتظر الدليل، لكن في الدليل طمأنة للقلوب المؤمنة وحجة على المنكرين الذين تخلوا عن الأديان، ولم يصدقون إلا بسلطان العلم.

في الوثائقي "بنو آدم إخوة" والذي يعرض على قناة ناشونال جيوغرافيك أبوظبي خلال شهر حزيران، قام عالم الوراثة الدكتور سبنسر ويلز بفحص الحمض النووي ل 350 ألف شخص حول العالم، واكتشاف تطابق بين البشر في الحمض النووي يصل إلى 99,9% ليثبت بذلك أن كل البشر إخوة وهم أبناء رجل واحد! 

وليس هذا فحسب، فقد قادته هذه الأدلّة إلى اكتشاف نظرية ثورية حول رحلة الجنس البشري وانتشاره عبر كوكب الأرض.. هي نظرية ثورية لأنها تثبت أن أقدم البشر هو الإنسان الإفريقي!

تتلخص هذه النظرية بما يلي:
منشأ البشرية بدأ من إفريقيا وبالتحديد شرق إفريقيا، ومن ثم هاجر البشر ليسكنوا إفريقيا كلها، ثم بدأت الهجرة عبر البحار والمحيطات إلى الشرق الأوسط ومن ثم لآسيا وأستراليا، ومن الشرق الأوسط وآسيا لأوروبا، ومن أوربا وبالتحديد من شمالها الشرقي وعبر المحيط المتجمد من الجهة المقابلة للعالم إلى الأمريكيتين.

وسواء كانت هذه النظرية تصف حقيقة ما حدث أم لا، (فالله أعلم)، إلا أنها تؤكد أمراً واحداً، أننا جميعا سواسية على اختلاف ألواننا ولهجاتنا ومساكننا..


وهنا خطرت لي هذه التساؤلات..

بعد هذا الإثبات، ماهو رأي المتعصبين؟
ما هو شعور جميع العنصريين في العالم؟

ما هو شعور الرجل الأبيض وقد عرف الآن، أنه في الأصل كان قبل مئات الآلاف من السنين إفريقياً أسود؟
ما هو شعور الأوروبيين وقد علموا اليوم أنهم أحفاد مباشرون للشرق أوسطيين؟
ما هو شعور الأمريكيين بالذات وقد اتضح أنهم والسكان الأصليين (الهنود الحمر) أشقاء؟ فكلاهما مهاجر من أوروبا!

ما شعور من ادّعى يوماً أن التخلف الحضاري للشعوب يكمن في أصل الخلقة (جينياً موروثاً) وليس مرتبطا بمرحلة تاريخية معينة.. ما هو شعوره الآن وقد ثبت بطلان ادعائه.. ووجد نفسه في مطب سخيف ومخيف..
ما شعور من قسّم العالم لأول وثان وثالث.. وعاشر..
ما شعور من يرى في نفسه "الإنسانية" ويرى في البقية همجاً وبرابرة؟



رحلة ابن آدم كما يراها د.ويلز

31‏/05‏/2011

برديــــــات

نص أدبي نشر في مجلة الكرمل في عددها الثاني لربيع عام ١٩٨١م ... يروي حكمة فلاّح... وعلى الرغم من أنه كتب قبل ثلاثين عاماً، حتى أن كاتبه يدّعي أنه دوّن قبل آلاف السنين... إلاّ أنه يشبه شيئاً ما سمعته البارحة... إليكم النص الكامل:
"برديـــات" بقلم مصطفى هيكل..

هذه البرديات، عثرت عليها وحاولت التثبت من صحتها فلم أوفق، وأنا لست وحدولوجيا حتى أكشف عن زيفها فالأصدقاء الذين سألتهم عنها، أكدوا عدم سماعهم بها أو معرفتهم لقائلها أو موقعه من التاريخ. فعسى أن تأتي البحوث الأثرية بما يجلي غامضها، ويهدي إلى تبيان حقيقتها.

أنا الفلاح كــامــا
أنا الفلاح كاما الساكن بالقرب من تانيس، لم أفكر أبداً في أن يدوّن كلامي. ولكن المسؤول عن ذلك، هو الكاتب الذي أتى من المدينة، ليكتب ما يشاع عني من أقوال، مدّعياً أهميتها للتاريخ والأجيال.
أنا لا أعرف فائدة ما سيكتبه. لكنه أظهر حماساً عندما نصحته بالمجيء معنا للعمل في الحقل، لأن المعرفة عمل، ولأن عملي وعمل زوجتي وأولادي لا يكاد يكفينا.
فالحكمة التي تكتسب من عرق الآخرين مزيفة.
أرجو أن يكون قد كتب ذلك.

البخور
...............................
............كامـــــــا.........
إذا أردت يا ولدي أن تعرف مقدار المنحة التي تلقاها الكاهن، فانتبه إلى البخور، لأن جودة البخور من جودة العطايا.

الملعون
كثيرا ما كان كاما يقول:
المتكلم الذي لا يسمع ثرثار، والمعلم الذي لا يتعلم جاهل.
أما الإنسان، يا ولدي، الذي يأخذ ولا يعطي، فملعون ملعون، وناقص الإنسانية.

عادة الكلاب
قال كاما:
لا تظن، إذا رأيت كلبك يتمسَّح بين قدميك ويلعق نعليك بأنه طيب ولطيف.
وإنما يجب أن تعرف أن هذه هي عادة الكلاب.

النقود
كنت أتحدث مع كاما فسألته:
هل صحيح أن النقود لا رائحة لها؟
فأجاب غاضباً:
لا يا ولدي، النقود عمل وإلا فهي دم.

الحقيقة
....................... كاما؟.
أكثر شجاعة من قول الحقيقة عن فرعون، هو قول الحقيقة للفرعون.

الموت
قال كاما:
الموت يا ولدي نهر، إذا تعودت على الاستحمام فيه، فإن عرض حياتك سيكون أكثر من طولها، مهما طالت.

الواعظ
قلت لكاما:
ما أثقل واعظ المعبد! 
فقال:
بل ما أثقل الوعّاظ. نحتوا مثالا لم يستطيعوا أن يكونوه، فراحوا يصيحون لدى الآخرين، ليل نهار، ليكونوا مالم يكونوه. 

الغضب
أشار كاما مرة إلى أحد المارين في الطريق وقال:
هذا الرجل يائس حقيقي.
قلت:
ألأنه لا يستطيع الضحك؟
قال كاما:
لا يا ولدي، ما أكثر الذين يستطيعون الضحك. إنه لا يستطيع الغضب، وإن غضب، فإنه لا يستطيع الغضب من كل قلبه.

النسيان
قلت لكاما:
سمعتهم يرددون بأن النسيان رحمة
فقال غاضباً:
النسيان لعنة، لعنة يا ولدي، فالذين لا يتذكرون يكررون في المستقبل أخطاء الماضي وحماقاته.

اللصوص
قال كاما:
إذا أراد الحاكم أن أن يفتش عن اللصوص، فليبدأ بتفتيش حظيرته، لأن اللصوص الأذكياء يختبؤو في حظائر الحكام.

طنين النحل
عندما قلت لكاما ماذا يعجبك في طنين النحل، قال:
إن النحل لا يطن. إنه يقول: خير من يحب الخير، وجميل من يعشق الجمال، وعادل من يقاتل من أجل العدل. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم يقولون بأن النحل يطن.

الحاكم
قال كاما:
تعذبت مرتين أمام الحاكم. مرة عندما سمعت نكتته السخيفة. ومرة ثانية عندما كان علي أن أنفجر بالضحك الطويل.

العدو
كان كاما يقول دائماً:
اكره عدوك بكل قوتك تنتصر عليه، لأن العبودية هي أن تألف العدو.

حكمة النملة
حكى كاما:
قال رجل لامرأته: اسمعي الحكمة التي تقولها النملة لزميلتها: ((سعيدة هي المرأة التي تطيع زوجها)). فقالت المرأة لزوجها: يا للجرأة إنك تقلب الكلام يا رجل. فالنملة تقول: ((سعيد هو الرجل الذي يطيع زوجته)).
والحق ياولدي أنها كانت تقول: (( النجدة النجدة، سقطت خشبة على ظهر النملة )).

الكلمة
سمعت كاما يقول:
الطاغية يأمر رجاله قائلاً: احصدوا الهمسات قبل أن تحصدكم الصرخات.
ولكن ما أسوأ مصيره، ظل يشنق الكلمات، حتى شنقته كلمة واحدة أرادها الجميع.   


28‏/05‏/2011

أسباب تأخر الزواج ؟؟؟

مساؤكم سعيد جميعاً...
من فترة وأنا غايبة عنكم لكن بيسعدني وبشدة أرجع اليوم وأكتب عن موضوعنا اللّي فاز في هاد الشهر ( لماذا يتأخر الزواج؟ ).. قبل ما أبدا وأدلي بدلوي كل الأرقام والإحصائيات اللي راح أدرجها معتمدة على حدسي الخاص وشيء سمعته أو  قدّرته، لكنها مش معتمدة على إحصائية علمية ومنشورة في المجلات.. يعني قبل ما حد يحكيلي من وين بتجيبي هالكلام؟

أولا لازم نعرف شو السن الملائم للزواج؟ وشو السن المفصلي اللي إذ تعديناه بنعتبر متأخرين؟
من وجهة نظري فالزواج قبل سن 22 مبكر، ليش؟ لإنه مش معقول تكون سنة رابعة جامعة ولسة بتحضر ستار أكاديمي وينفع تفتح بيت وتكون مسؤول عن أسرة!!!

لذلك ما بعد ال22 وحتى الثلاثينات مثلا وضع طبيعي ومقبول ومش تأخير.. يمكن السن المفصلي اللي الناس بتصير تحكي معه والله اتأخرتوا 35 ؟ على العموم المسألة قابلة للنقاش وبتعتمد على المكان وثقافة المجتمع.. وكون اللي بنحكي عنه بنت أو شب.. منكم اللي راح يختلفوا معي أكيد وكل واحد منا بيقدرها بشكل مختلف..

طيب ليش التأخير؟ الجواب بسيط وواضح بالنسبة إلي:

(( تردّي الحالة الإقتصادية ))

((والعلاقة طردية)).. كلما زاد الوضع الإقتصاي سوءاً تأخرنا أكثر وأكثر..

تعالوا يا جماعة نحسبها بالورقة والقلم.. عشرات الألوف بيعانوا من البطالة وإلهم سنين متخرجين وتخصصاتهم ما إلها شغل.. مئات الألوف من اللي بيشتغلوا رواتبهم ضعيفة خاصة إذا كانوا من موظفين القطاع الحكومي..
لو كان إلك 10 سنين بتشتغل وراتبك الشهري 350 دينار وبزيد بالليرة والليرتين كل سنة فأكيد راتبك ضعيف مع كل المتطلبات الي حواليك.. إفرضوا معي إنه هاد الموظف أبو 350 دينار قرر يتزوج، راح يفكر بالموضوع من 3 محاور..

أولاً: مهر العروس..
فرضاً العروس اللي راح يخطبها راح تاخد مهر منطقي ورقم مقبول مثلا 3 آلاف دينار.. بتصور إنه هالرقم مقبول لإنا بنحكي عن الناس العاديين والأثرياء غير معنيين هنا لإنه هدول ما عندهم مشكلة.. طيب وأخونا بالله ضغط على حاله وحوّش نص الراتب مثلا، بعد ما نحذف مصاريف المواصلات والأكل والشرب والدخان وكرت الموبايل.. فهيك بده سنتين أو أكثر بس ليجيب المهر..

ثانياً: أثاث البيت..
طبيعي بده أثاث ولو بسيط ليبدا حياته.. غرفة نوم وغرفة ضيوف وثلاجة وغسالة وفرن وبرادي وسجاد وأدوات مطبخ ووو.. بدها المسألة كمان أربعة آلاف أو أكثر؟؟.. بعدنا بنحكي بأرقام مقبولة للناس العاديين.. إذا علشان يجيبهم بده ينطر كمان ثلاث سنين..

ثالثاًَ: تكاليف الزفاف والخطوبة..
كل زيارة للعروس خلال فترة الخطبة بدها تكلف وهدايا ومشاوير.. وحجز قاعة أفراح للخطبة والعرس.. وفستان العروس وصالون التجميل والضيافة.. وحفلة توديع العزوبية.. هاي كمان ثلاث آلاف وبتجر معها سنتين من الإنتظار..

يعني المسألة على أقل تقدير بدها تكلف 10 آلاف دينار مقابل 300 ولا 400 دينار راتب بالشهر!! منيح منه الشب إذا بقدر يتزوج قبل سن الأربعين!! وطبعاً إذا هو اتأخر إحنا البنات أكيد راح نتأخر وإحنا بنستنى بحضرته تيجهز!!

طبعاً هاي البداية بس، ولسه بعد الزواج تكاليف الحياة اللي  بتستهلك راتبه كله من إيجار البيت والفواتير والمواصلات والأولاد.. طيب كيف بده ساعتها يعيش؟ زي المتصوفين؟ زاده العبادة؟

على الأغلب في هالحالة راح العروس تكون منتقاة بعناية، موظفة وإلها راتب ثابت.. طيب البنت اللي اتخرجت من سنين وما لقيت وظيفة.. ولا اللي ما كملت تعليمها أصلاً.. شو تعمل؟ تاكل هوا؟

المسألة عويصة ومعضلة كبيرة.. وكيف بدها تنحل؟ يعني لازم كل إشي يرجع يرخص علشان تقل التكاليف.. وهاد مستحيل.. طيب الرواتب تتضاعف والبطالة تنتهي.. مستحيلين.. طيب وبعدين؟

مشان هيك بالنسبة إلي هاد العامل الرئيسي والأهم، يمكن في أسباب ثانية بس ما بتشكل عندي هالأهمية العالية في مقابل هالسبب لأنه شريحة كبيرة ولا يستهان بها من المجتمع بتعاني من سوء الحالة الإقصادية..

دمتم بخير...

08‏/04‏/2011

أحلام


على مقعد السنة الإعدادية الأخيرة.. والأشواق تملؤني وغداً أنهي الثانوية وبعده..
تأخذني الأحلام.. وسأصبح وسأصبح.. وأكاد أسمع أحلام كل من حولي..
فرح وعبير مهندسات.. سلمى وليلى ممرضات أو طبيبات.. رانيا شرطية أو موظفة.. وحتى "أحلام".. كانت تملؤها الأحلام..

كانت تجلس بعيدة عني قليلاً.. في الدرج الثاني قريباً من الشباك.. في الواقع لم أكن أعرفها جيداً.. وكان أمراً مخجلاَ.. عرفتها فقط يوم ودّعت أحلامها.. وودّعتنا بعيون تملؤها الدموع..

والدها الشرير.. سيزوّجها بعد أيام.. هو ممن يؤمنون بزواج الصغيرات.. نعم كنّا مراهقات لكن ما زلنا صغيرات.. وهو.. إنه شرير.. متسلط.. حقير.. قاتل.. لم يأبه برفضها أو رفضنا.. وفعل فعلته!
مالنا وهؤلاء الرجال؟ كانوا عالماً آخر.. كان الزواج فكرة مرعبة ومقرفة في ذات الوقت.. أسفنا لحالها وبكينا بحرقة مثلما بكت... وغادرت بلا رجعة..

مرت أيام.. ومنا من ركب حلمه ومنا من فاته..
أما أحلام فلم أسمع عنها شيئاً منذ ذاك اليوم.. 

.. منذ أيام.. تحدثت مع مراهقات بعمر أحلام.. فسألتهن عن الأحلام..

فرح وسلمى يحلمن بأن يصبحن جميلات.. وليلى وعبير يحلمن بأن يستيقظن متزوجات..
أحلام تحلم بقصر "آل أوغلو" والمصباح السحري.. وهناء تبكي بحرقة.. فهي لم تجد ال(بوي فرند) بعد..
والدي شرير.. رجعي.. معقدّ.. ما أدراه ما الحب؟ يرفض تزويجي! هل تصدقين؟

تلوت عليهنّ قصة أحلام.. فضحكن من سذاجتي.. أين ألقت بي الأحلام؟ وأين صارت اليوم أحلام..
تنهّدنا بعمق.. أغلقنا عيوننا.. تصوّرن أحلام وأنا تذكّرتها.. هنّ ابتسمن وأنا عبست.. هن تمنين أن يكنّ مكانها..
وأنا تمنّيت لو عرفت.. ماذا حلّ بالأحلام؟  

21‏/03‏/2011

بحثا عن الجنة


منقول عن المدونة المغربية : نوفل

ضحكت و قالت له أنها ستكتفي بولد و بنت فقط...وأن اثنان من الأطفال يكفي لأسرة ستسكن الخانة الأخيرة في الطبقة المتوسطة..قالت له عن حلمها..طفلين وسيمين يدرسان بجد و مع السنين يغدوان طبيبا و مهندسة..منزل بالتقسيط..سيارة مهترئة..قالت له عن أشياء كثيرة أجاب عنها هو بابتسامة..بعدها بأيام تزوجا..

الطفلان اللذان حلمت بهما لم يكونا وسيمين..كانا يشبهان أباهما..ثم إن طفليها لم يظلا اثنين لوقت طويل.ثلاثة و أربعة و خمسة ثم ستة..ما يكفي ليتهدم حلم زوجة أغنى رجل في العالم..وما يكفي ليموت الحلم بالمجاعة..فقد كان طبيبها و مهندستها يكافحان من اجل نيل الشهادة الابتدائية..

إلى من نجحت في إنزالنا على هذا الكوكب..إلى من فشلت في أن تلدنا في كندا..إلى من تختبئ الجنة تحت قدمها..إلي أمهاتنا، نكتب هذا اليوم.


 بحثا عن الجنة - الأحد 21 مارس 2010

14‏/03‏/2011

مطلوب إستشارة نفسية

 وصلت مؤخراً لقناعة إنه كل المدراء مجانين ومريضين نفسياً وبالتحديد مصابين ب (جنون العظمة).. والظاهر إنه لعنة الكرسي بتصيب كل واحد بيقعد عليه وبس يرتاح ويفرد ظهره بنسى إنه كان من قبل موظف وبصير يتجّبر على عباد الله ويكرر سلسلة التصرفات الظالمة اللي بداها اللي قبله.. سبحان الله كلهم قرآنين على إيد شيخ واحد!  

في سبتمبر الماضي وصلت بيني وبين مديرتي للشيطان الرجيم، وبدأت المشكلة بكتاب تكليف توجه لحضرتي للقيام ببعض المهام اللي خارج نطاق مسؤوليتي، والمصيبة إنه الناس اللي لازم يتكلّفوا بالموضوع اللي هو من مهامهم ومسؤولياتهم قاعدين للقهوة والشاي!
طبعاً كرد فعل أول رفضت التوقيع ورحنا لنّاقشها بالموضوع، وكان الجواب إنها حرّة بتعمل اللي بتشوفه مناسب وهذا من صلاحياتها.

طبعاً الجميع ضمن الدوائر الحكومية بيخضع لنفس الأنظمة والقونين، بس بيكون بإيد المدير بعض الصلاحيات (لتسيير عمل الدائرة بما يراه مناسباً) وهذا من ضمن التوجه نحو اللامركزية وفرض ديموقراطية أكثر داخل المؤسسة.
بس المفروض إنه هاي الصلاحية تستخدم بالحق مش بناءً على مزاجي الشخصي!
قال ديموقراطية قال! ومالها الديكتاتورية؟ هي الأنسب هيك أشكال..

المهم إنها رفضت وبشدة تتراجع على مبدأ (أنا ربكم الأعلى) وأخذتها العزّة بالإثم و(لا إريكم إلاّ ما أرى)، وطبعاً أنا ساعتها ركبتني التياسة!
وشهر كامل رفضت التنفيذ... وهي طستني إستجواب وأنا شكيتها للي أعلى منها، وكدت... نعم... كدت أكسب الحرب... لإني لقيت إثنين من اللي بيفهموا بالقانون أيدوا كلامي وإنه تصرفها غير قانوني.. وبعد يومين تراجعوا عن كل اللي حكوه واعتذرولي بإنهم كانوا فاهمين الموضوع غلط ووو... طبعاً كله حكي فاضي.. لإنها طلعت صحبة مع اللي أعلى منها وبينها وبينهم مصالح متبادلة وعلى قولت (شيلني بشيلك).

وانتهت الحرب بإني نفذت التكليف غصبن عني.. لا.. وحصلت على عقوبة التنبيه!

للأمانة هاي ما كانت العقوبة الأولى في حياتي المهنية المتواضعة والبالغة ستة سنين ونص، سبق وحصلت على (لفت نظر عدد 4 ) و (تنبيه عدد 2 ) و (خصم ليوم واحد). 
وإن شاء الله في الستة سنين ونص الجايين راح أكمل الكوليكشن تبعت العقوبات وآخذ إنذار وحسم.. صبركوا علي..

والمسألة والله مش إني مثالية وقانونية زيادة عن اللزوم وتاعت مبادئ، لا والله، أنا أصلاً أبعد ما أكون عن المثالية، ومبادئي ثلثها بعته والثلث الثاني ما عدت أآمن فيه والثلث الأخير خليته بس للحلال والحرام علشان ما أروح جهنم ( هاي المبادئ تاعت لا تسرق لا تكذب... بتعرفوها الخطايا السبع)... 

بس إشي ومنه! ناس بتشتغل زي الحمير وناس قاعدة... وهيك عيني عينك!

بس أنا ما خليتها تفرح وتستلذ بالإنتصار.. ولما نادوني لأستلم العقوبة وأوقع عليها.. ضحكت وبصوت عالي وحكيتلهم "عاااادي، حطوها جنب إخواتها فيه منها كثير...هههه".
وبعدين صرت أمشي من جنبها ولاااا كإنها موجودة وما أتعامل معها أبداً ولو فيه أي شي بدي أمرره عليها ببعته مع الأذنة بس ما بدخل مكتبها أبداً ولا بسمحلها تستغل أي فرصة لتذلني أو تسمعني كلمة...
هي إنغاظت بشدّة ووصلني على ألسن الفسّادين إنها راح تنقلني.. فحكيتلهم.. "عااااادي أنا موظفة في خدمة المؤسسة وين ما رحت راح أعمل المطلوب بكل نفس طيبة..."
طبعاً أنا توقعت النقل من كمن شهر بس شكلهم ما لقيوا شاغر ليرموني عليه لسه... وبس يصير معي إشي بخبركم أكيد...

في النهاية بدعي ربنا إنه ما يسخطني وأصير مديرة يوم من الأيام، وخليني موظفة بائسة بالدرجة السادسة، لحتى ما تصيبني (لعنة الأنا) تاعت المدراء، ولحتى ما تصيبني دعاوي الموظفين، لإنا بندعي عليهم ليلاً نهاراً، سراً وجهاراً، ومرات بستغرب كيف هالمدراء بيوصلوا على بيوتهم كل يوم سالمين؟ 


10‏/03‏/2011

لـمـــــــــــــاذا ؟ ... (3)

لمـــــاذا لا نـقـرأ ؟

الكاركتير تعليقاً على نتائج استطلاع للرأي نشرته ياهو مكتوب للأبحاث في الثالث من آذار
وفقا لهذا الاستطلاع فإن سكان الأردن ولبنان والجزائر هم الأقل قراءة في العالم العربي
وأن الشباب هم الفئة العمرية الأقل قراءة

عندما تحين الحاجة لقراءة كتاب جديد أتوجه ببساطة لأحد معارض الكتب المحدودة نسبياً في مدينتي (إربد)، معرض دار الكتاب أو دار الأمل للنشر والتوزيع وغيرها، والتي تتمركز جميعها في شارع جامعة اليرموك أو بالقرب منه. بإمكانك أن تجد تنوعاً جيداً من حيث الموضوع بالإضافة لتجديد مستمر في عناوين الكتب، لكن العقبة الواضحة هي سعر الكتاب نفسه.
لا يمكن أن تشتري رواية جديدة بأقل من 7  أو 8 دنانير في المتوسط، كتب الجيب والتي يمكن حملها بحقيبتك الصغيرة لا تقل عن 4 أو 5 دنانير بغض النظر عن موضوعها، بعض الموسوعات المصورة الخاصة بالأطفال يصل سعرها ل 20 أو 25 دينار وحتى بعض قصص الأطفال البسيطة لا تقل عن دينار ونصف أو دينارين...

إذاً فالكتاب ببساطة بحاجة لميزانية، وبالنسبة لي كإنسانة أملك راتباً شهرياً مع مسؤوليات بسيطة من الممكن أن أتحمل نفقة كتاب من وقت لآخر.. أما القارئ الشاب إن كان طالب مدرسة مثلاً فلن يتسع مصروفه الضئيل الذي يقاس بعشرات القروش لشراء كتاب ما، وحتى الشاب الجامعي سيعاني من نفس العقبة بمصروفه الضائع ما بين المواصلات والكتب الجامعية والنفقة الشخصية.. 

إذاً هل سيتمكن الوالدان من تحمل مثل هذه النفقة؟
إذا كان سعر الموسوعة المصورة يكفي لشراء حاجة العائلة الشهرية من البطاطا والبندورة وسعر الرواية يكفي لشراء 2 كغم من اللحم النيوزلندي، فبالتأكيد ستتفوق الوجبة اليومية على الكتاب، فالجوع قد يكون قاتلاً لكننا لم نسمع يوماً عن أحد ما مات من نقص الثقافة! 

المكتبات العامة محدودة جداً جداً، في محافظة إربد (ثاني أكبر المحافظات الأردنية)، توجد مكتبة واحدة فقط متاحة للعامة تابعة لبلدية إربد تقع وسط البلد، تغلق أبوابها عصراً وفي أيام العطل الرسمية كأي مؤسسة حكومية، إذاً ففي الوقت الذي يكون فيه الطالب متفرغاً لزيارة المكتبة تكون المكتبة مغلقة!
وطبعاً لا ننسى أن الوصول للمكتبة سهل لأبناء المدينة ذاتها ولكن يصعب جداً على أبناء القرى المجاورة زيارة المكتبة بانتظام وربما تستحيل على بعضهم مثل هذه الزيارة، وهناك عشرات القرى تابعة لمحافظة إربد وأغلبها قرى صغيرة الحجم لا تتوفر فيها بلدياتها الخاصة.. إذاً لا مكتبات..

بإمكان الطالب أن يعتمد على المكتبات التابعة للمؤسسة التعليمية التي يدرس فيها، لكن المشكلة أن أغلب هذه المكتبات تصلح لأن تكون متحفاً أثرياً للكتب، الموضوعات المعروضة قديمة وكم كبير من الكتب يكون على هيئة  قواميس ومراجع ضخمة، لا يوجد أي اهتمام بما هو جديد، والكتب لا تشجع أحداً على المطالعة، فلا يمكن مثلاً أن تجد في مكتبة مدرسة رواية ما لباولو كويللو مثلا أو كتاباً لطارق سويدان، ونعود للعقبة الأولى وهي ارتفاع سعر الكتاب و(عدم وجود ميزانية) وهذا العذر الذي تتذرع به مكتبات المؤسسات التعليمية لتبرّر سوء أوضاعها.   

البعض اليوم يدعو للتوجه إلى الكتاب الإلكتروني كحل لمشكلة الحصول على الكتاب، لكن المشكلة الأساسية تكمن في الحصول على بنية تحتية إلكترونية لقراءة هذا الكتاب، وكم عدد العائلات الأردنية التي تملك جهاز كمبيوتر أو تقدر على تحمل نفقة اتصال شهري بشبكة الإنترنت؟ إذاً نعود لنقطة البداية وسوء الأوضاع المادية مرة أخرى..
بالإضافة أن الجلوس خلف الشاشة لساعات لقراءة كتاب أمر مرهق وغير ممكن وممل للبعض وهذا يشملني أنا شخصياً..

في مبادرة أطلقتها جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة تحت اسم  "مكتبة الأسرة الأردنية ومهرجان القراءة للجميع" وبالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية تم توفير الكتاب بأثمان زهيدة جداً (35 قرش)، وقد كان هذا المشروع في بداياته رائعاً ولاقى إقبالاً واستحساناً جماهيرياً وتوفرت كتب متنوعة في المضامين والعناوين، وربما كان هو الحل الأمثل لتخطي عقبة الحصول على الكتاب وارتفاع ثمنه.
لكنه وعند انعقاده في نهاية العام المنصرم كان مخيباً للآمال، فقد كانت العناوين المطروحة مملة ومكررة، وأذكر أنني زرت المعرض الخاص بالمهرجان بحثاً عن كتاب محدد "مقامات الهمذاني" لكنني لم أجده فقد نفذ منذ اليوم الأول وتكدست باقي الكتب ولم يرغب بشرائها أحد... ومن وجهة نظري فإن هذا يدل على سوء الإعداد والتنظيم من قبل المشرفين على هذا المهرجان، ويجب تلافي تكرار مثل هذا الأمر لأن ذلك سيسهم في إجهاض الفكرة قبل إتمام أهدافها.      
ولا ننسى أن هذه المعارض تقام بالعادة في مركز المدينة مما يعني بالضرورة استثناء أبناء القرى وهم الفئة الأكثر تضرراً من متلازمة صعوبة الوصول للكتاب وارتفاع ثمنه، بل إن البعض منهم لا علم له بوجود مثل هذه المعارض! 

من ناحية أخرى، كان الكتاب في الماضي الونيس والصديق والهواية والمتعة، أما اليوم فيتزاحم الأصدقاء من قنوات فضائية وDVD وموبايل وكمبيوتر وإنترنت ومول ومطاعم ووو.. ويبدو أنها جميعاً أكثر إمتاعاً من الكتاب. وبذلك تندثر ثقافة القراءة يوماً بعد يوم... ويصبح الكتاب ضرباً من ضروب الكماليات...

ولو سألني أحد ما لماذا علي أن أقرأ؟ وأين سأصل بالقراءة؟ لا أخفيكم ستشكل علي الإجابة..
فقراءة كتاب لا تشتري وجبة عشاء أو تدفع فاتورة كهرباء.. وماذا يعني لو كنت مثقفاً أو غير مثقف؟ وما الفرق؟
ربما ليس هناك فرق... وإجابة عوض الأردني الأصيل في الكاركتير هي أكبر برهان على ذلك...