24‏/02‏/2010

" مش حلوة "

أول عبارة تطلقها زميلتي في العمل على كل موظفة جديدة تنضم إلينا بداية كل عام. دون اهتمام لخلفيتها أو بيئتها أو حتى اجتهادها ومدى إجادتها لما تعمل، تختصرالتعريف بهذه الإنسانة لحظة وصولها بهذه العبارة، وهي تعني أنها امرأة غير جميلة - أو ما عنته زميلتي حقا أنها قبيحة - طبعاً من وجهة نظرها هي، على اعتبار أن زميلتي هذه تتربع على عرش جمال العالم!
وإلى جانب هذه العبارة تضيف نظرة من الاستياء وتضم شفتيها بقرف ليصدر الحكم بأنها شخص لايستحق العناء والتقدير وأن علينا جميعا أن نبادر بكرهها.
بالرغم من أنها عبارة مجحفة حقاً، إلاّ أنها عبارة ملفتة جداً، وتستوقفني كلما سمعتها منها ومن غيرها. انطباعاتنا الأولى وتقيمنا للآخرين يعتمد على المظهر، المظهر فقط. الشخص " الأكابر" او "ال ستايل" أو " ال هايلايف" ممن يحسن الاهتمام بهندامه و يرتدي غالي الثياب ذو وجه جميل و ملامح خلابة ، تلقائيا هو شخص يستحق التقدير و"رائع"، مع أنه قد لايكون في الحقيقة كذلك أبداً، بل قد لايعدو أن يكون أكثر من تافه فارغ، معدوم الثقافة - تماما كمن يحكمون عليه -.
وتتراود إلى ذهني الآن عبارة " الجمال الداخلي"، تلك العبارة السخيفة التي نرددها دوماً و ندافع عنها، ولا أحد يصدقها. لا أحد يؤمن حقاً بالجمال الداخلي، و لم أسمع يوما أن الجمال الداخلي انتصر على المظهر الخارجي،
بالله عليكم ! اسمعتم يوماً برجل اختار زوجة لما في قلبها من جمال داخلي؟ هراء...
منكم من يريد الآن أن يمطرني ببعض الآيات والأحاديث، أرجوكم بعيدا عن مناقشة الموضوع من منظور ديني، فأنا أعلم بأن الله " لا ينظر إلى صوركم " بل لتقوى لقلوب، وأعلم بأن محمداً (صلى الله عليه وسلم) قال: " اظفر بذات الدين تربت يداك"، كل ذلك نعلمه بل هي من المسلمات في ديننا الحنيف، لكن من منا يطبقه؟
اضف لذلك هراء الشعر والنثر " والذي نفسه بغير جمال .. لا يرى في الكون جميلا "، " الجمال جمال الروح والأخلاق والأدب"، والبرامج الحوارية التي تحاول أن تقنع المشاهد أن المظهر ليس بشيء، و المنتديات و الحملات والندوات والملتقيات التي تصرف الساعات بالنقاش والحوار، وفي النهاية لا يقتنع بذلك أحد ولن يقتنع يوماً.
أليس منافقا ذلك المجتمع الذي ينتقد المظهر الخارجي ولا يحكم إلا به!
ولن أزكي نفسي صدقوني، فلا بد أنني حكمت على أحد ما يوما من مجرد النظر إليه، لكنني لا أريد أن تصيبني هذه العدوى وتصبح معياري الوحيد للحكم على البشر، لذلك قررت أن أحدثكم اليوم ، ولن أختم كلامي هذا بالعظات والحكم، فلست ممن يضعون الاستنتاجات والنظريات والحلول، فذلك ضرب آخر من ضروب النفاق، أريد فقط أن تشاركوني رأيكم وتجاربكم، هل تشعرون بما أشعر؟ هل تواجهون ما أواجه؟
أنا في انتظار ردودكم...