16‏/04‏/2012

ثلاثون.. (5)

رسائل لم يحملها البريد..

أنا في ذلك العمر.. يوم يغدوا الأولاد رجالاً .. وكل البنات جميلات.. فأصابني الحب!
شعور ملتهب.. ودقات قلب.. كأنها الحمّى.. وأنا أريد أن أحب. أريد أن أعبر الزقاق المعتم أنا وحبيبتي باكراً جدّاً قبل الدرس.. وظهراً يداً بيد والناس قائلون..

أريد أن أحب! كان قلبي طافحاً بالحب.وليس لي إلاّ سماسرة الحب.. 
وسماسرة الحب فتيان مثلي ولهم حبيبات، وللحبيبات صديقات ينتظرن حبّي، فأستأذن لأنال الحب، برسالة حب.
أخرجت القلم والأوراق وكتبت الكثير من الرسائل.. للسمراء والشقراء.. للطويلة والقصيرة.. لذات العيون السود والعيون الخضر.. وملأتها بتلك العبرات التقليديّة.. أنت لي كالهواء.. كالسماء كالماء.. وأنا بدونك ضائع هائم.. أنا غريب.. ولكنّ الاغتراب من أجل عينيك قضيّة.. 
لا أدري لم أحبك وقد ملئت الأرض ملايينا.. ولكنّ قلبي لا يختار من الزّهر إلاّ الرياحينا.. أنا مشتاق.. أنا قتيل.. لاتسأليني ما الدليل؟ إنّ العيون التي في طرفها حورٌ - قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا..

غلّفت الرسائل بأوراق ملونة حول زهرة بريّة وخبّأتها وأغمضت عينيّ لأنام.. وغداً موعدي مع الحب..
فرأيت فيما يرى النائم أنّني وحبيبتي قد كُشف أمرنا و رآنا النّاس.. وغضب منّي النّاس ولاموني.. أنت؟
فاستيقظت على شعور بالذنب عظيم.. ماذا لو عرف الناس؟ وأنا لهم مثاليّ وقدوة لأقراني.. وماذا لو عرف والدي؟ يا للهول! ربما قتلني.. هل أغامر؟

أخرجت الرسائل وفتحتها وتصفّحتها.. ولا أدري لم بدت سخيفة.. ألقيتها ثم أمسكتها ومزقتها بل فتّتها..
ومات الحب..
شعرت بالنّدم.. بالكثير من النّدم.. لكنّني لم أعرف ما مصدره.. هل لأنني كتبت الرسائل؟ أم لأنني تردّدت ولم أغامر؟

لم أروي هذه القصّة؟
لأنني كلّما وجدت نفسي أمام مغامرة.. أتردّد.. غالباً ما أتراجع وأختار أسلم الطرق.. أفكّر كثيراً في العواقب.. وخوفي من التندّم من عواقب الأمور أعظم من النّدم الذي يرافق التراجع عنها..
وأنا أريد أن أغامر.. أن أحاول.. ولكنّني جبان عن كل تجربة!

هناك 14 تعليقًا:

  1. جميل جدا

    ردحذف
  2. المغامرات جميلة، في أي عمر كانت

    اختبار مشاعر الحب في أوائل الحياة = ليس حبا ً بل حب "شعور" الحب ... و لكنها مشاعر على أي حال ، و تستأهل :)

    الإحجام ليس جبنا ً هنا ، بل شيء آخر ، لا أدري ما كنه وصفه و لكنه ليس جبناً

    ردحذف
    الردود
    1. ربما كان حذرا..
      لكن فارس مستاء لانه دائما حذر ويفكر في عواقب الامور كثيرا
      هو مستاء لانه ليس بعفوي ابدا

      حذف
  3. أحياناتن بشوف الجبن شي كويس
    مش بكل المواضيغ
    يعني فعلين لو إنكشف فارس والبنت اللي لسه ما لقيها كانت رح بتكون فضيحه بين هيك مجتمع و ناس


    بس المغامره مطلوبه,وبدها شويه شجاعة وترك الخوف وحتى لو خسرنا هالحرب بتاعت الحب أو الشغل, بضل إنه منندمش إنه عملناها من أصله

    ردحذف
    الردود
    1. صيح كلامك المغامرة مطلوبة,
      المشكلة انه فارس اغلب المرات بتراجع, يمكن لو جرب الحب كان مرت الامور على خير يعني وما انكشف بس هو حط قدامه اسوأ احتمال واختار اسلم الطرق.

      عالعمومم لازم الواحد يجرب ولو ارتكب الحماقات ولو اتراجع بعض المرات لكن مش كل مرة يهرب!

      حذف
  4. عالقليله عاش حلم وحتى لو استمر ل 24 ساعه فقط و انتهى بكابوس ولكنه عاشه :)

    ردحذف
    الردود
    1. حب في الحلم احسن من بلاش :)
      الله يعينه لهالفارس

      حذف
  5. رائعة
    صياغة رائعة
    أعجبتني كلماتك وتنميقها الجميل
    ولكن أنا من الناس الذين يلومون فارس
    لأنه لم يغامر
    وأعاتبه لافتقاره للتجارب
    الحياة مغامرة
    أو فاترة...!!

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا زينة لتواصلك وتركك التعليق الجميل, وإن كنا مقصرين معك وفي زيارة مدونتك.
      صحيح الحياة مغامرة, وان بالغ الانسان بالحذر صارت الحياة مستقيمة حتى الملل!

      حذف
  6. ليس جبانا لكنه عاقل زياده عن اللزوم !

    هو رومانسي لكن واقعيته وعقلانيته يحكمانه اكثر....

    فارس بيشبهني كتير...واقعي لحد الملل

    ردحذف
    الردود
    1. يعني عرفنا جزء من شخصيتك :)
      لكن جميل كيف تباينت التعليقات في تفسير موقف فارس, البعض بيلومه على حذره والبعض شايفه عاقل وحكيم.
      شكرا لمرورك

      حذف
  7. رائعة جدا يمكن لأني أنا عندي نفس هاي المشكلة و عازمة على التغير :)

    ردحذف
    الردود
    1. انشاء الله تيجيكي الشجاعة وتحققي التغيير :)

      حذف