06‏/04‏/2012

ثلاثون.. (4)

كلمة واحدة

هناك الكثير من الكلمات.. كلمة غاضبة.. كلمة بائسة.. كلمة ناقدة وأخرى لاذعة.. كلمة فرحة .. كلمة صادقة.. كلمة كالسّم وأخرى ترياق.. كلمة كالشّهد وأخرى علقم.. كلمة.. وكلمة..
وأنا كنت بحاجة لكلمة واحدة.. كلمة تطمئنني وتمسح حزني.. كلمة واحدة تخفّف من جور من حولي..

كلمة واحدة قالها معلّمي.. ولدٌ ذكيّ! 
كم غيّرت في تقديري لذاتي.
من أجلها عشقت الدرس، واكتشفت عالماً آخر أنا فيه مارد وبطل، أذكى وأقوى وأفضل من الجميع.

كنت أتلقّف بشوق ولهفة كل كلمة تقدير وإطراء، من أجل ذلك اجتهدت، من أجل أن يفخر بي الجميع ويبجّلني الجميع، ونجحت، فتبدّلت سنين المدرسة بعد ذلك لتصبح أقلّ إزعاجاً وأخفّ وطأة، وترافق ذلك مع جدّ في الشخصيّة والتصرفات، وعقلانيّة زائدة، لا لهو ولا عبث..

الله يرسل لنا الرحمات ولو كنّا صغاراً لندرك ذلك..
كلمة واحدة تداوي الجروح وتجبر الخواطر..

ذاك الفتى القبيح

لا يمكن أن تكون الأول في كلّ شيء ولا الأسوأ في كل شيء، ولا يمكن أن تحتفظ بأي لقب أو مكانة أو منزلة إلى الأبد، عرفت ذلك عندما وصل الفتى الجديد.
كان أطول من الكل ذو فم عريض مليء بالأسنان، مختلف عنّا، سمرة بشرته غير سمرتنا، ولسانه ذو لكنة غريبة، وأظنّه كان من بلد آخر غير بلدنا، فسرعان ما نال هو لقب القبيح.

بدا لي صيداً سهلاً، وأردت أن أسخر منه كما سخر الجميع، كم كان شعوراً لذيذاً أن تجد من هو أضعف منك لتفرغ كل ما انحشر في صدرك في وجهه، وتقتصّ لنفسك، ولكنني في الحقيقة لم أفعل!

وددت ذلك فعلاً، وددت لو سخرت منه، لكنني كلما اقتربت منه وجدته منزعجاً ومنكسراً، وغريباً وضعيفاً، ألست أعرف هذا الشعور وأمقته؟
ابتسمت له وتحدّثت معه وحيّيته، فبادلني الابتسامة سعيداً ممتنّنًا.
لا أدري لم تملّكتني سعادة عارمة، سعادة ربما فاقت سعادته، ألأنني ساعدته؟

فعل واحد قد يحيي إنسانا وفعل آخر قد يزيد من غربته، في ذلك اليوم اخترت أن أنتصر لهذا الإنسان ولو ببسمة، ولو بكلمة، وما زال هذا فعلي واختياري إلى اليوم.. 

هناك 14 تعليقًا:

  1. فعلا الشطارة ما بتكون انك تعمل زي ما الكل بعمل, في هاي الحالة كان الكل راح يستهزء الزميل الجديد, بينما فارس قرّب منه على غير المتوقع

    ومن جهة ثانية, زي ما الكلمة العاطلة بتأثر , الكلمة منيحة بتأثر اكثر واكثر

    ممكن يكون التدوين عن هالموضوع صعب عندك, الله يقويكي يا رب

    ردحذف
    الردود
    1. هي محاولة فارس الأولى لاستيعاب الموقف والتصرف بشكل صحيح والظاهر أن محاولته قد نجحت.

      أعتقد أنني قد أخطأت في التقديم لهذه القصة في الجزء الأول, فأنا لم أقصد أن أتحدث عن تجربتي الشخصية بل عن تجربة شخصيّة ما اسمها فارس, لكنني أحب أن تتحدث الشخصيات بصيغة الـ "أنا" مباشرة وليس بصيغة "هو", فأنا أجدها الطريقة الأفضل في التعبير.
      على العموم لن أدّعي أنني لن أضع في القصة بعض المواقف التي مرت بحياتي أو حياة أشخاص عرفتهم عن قرب أو قصص سمعتها من هنا وهناك وجميعها ستكوّن سيرة فارس.

      دمت بخير,
      وشكرا على متابعتك المستمرة التي تسعدني :)

      حذف
  2. جميل جدا. صح لسانك. كلمه واحده قد تغير من مستقبل انسان. للأسف الناس لو تتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حين علمنا "فليقل خيرا او ليصمت"
    لكان حالنا افضل حال ولكننا انشغلنا بأخطاء غيرنا.
    في امريكا يدربون المدرسين ان لايقولوا للطالب جوابك خطأ حتى لا يشعر بالحرج امام الطلبه وحتى لا يتردد في الاجابة في المرة القادمة.

    ردحذف
    الردود
    1. لو العالم بطّلت تحكي شو بدها تعمل؟ والله بموتوا الناس بلا حكي لانهم ما بعرفوا غير اللت والعجن.. الله يهدي..

      الصحيح إنه بالاردن صرنا ننتبه لهالشي ونوجه المعلم لتعزيز الطالب والحوار ومنع الاساءة النفسية واللفظية, صحيح المسألة في أولها وبدنا وقت لنتعود على الاسلوب, بس افضل من ايام زمان أيامنا يعني لما كنا ناكل بهدلة ومسبّات وعصي لنشبع, تصور إنه صار عنا خط ساخن للاتصال والتبليغ عن حالات العنف ضد الطالب!

      حذف
  3. كلمة واحده غيرت حياه بطلنا...و بكلمة واحده بنغير حياة اللي حولنا

    و لكن للاسف الناس بتستسهل الانتقاد و تفريغ الاوجاع بنقلها و نشرها للي حولهم...مع انه شعور انك زرعت سعاده في قلب انسان قدامك بتكفيك لتوصل لاعلى حدود الرضا عن النفس

    ردحذف
    الردود
    1. لخّصت التدوينة بهالجملة (كلمة واحده غيرت حياه بطلنا...و بكلمة واحده بنغير حياة اللي حولنا)

      هي مفاضلة بين موقفين واختيارين, وفارس لا شعوريا اختار الموقف الصح لانه جرب وحس بنتيجة الموقف الثاني.

      دمت بخير

      حذف
  4. ريت العالم كلها تعرف كيف الكلمه أحد واقوى من السيف
    وأولهم أنا ترى

    هالشي " التشجيع" بصراحه ما كنت شايفاه بحياتي وطفولتي
    برغم تفوقي أنا وأختي, مش متزكره إنه كان في تشجيع على مدار السنه
    كله هال" مبلغ" اللي بنعطالنا بعد حفلة التكريم وتوزيع شهادات التقدير

    أكتر من هيك مش متزكره بصراحه :(

    ردحذف
    الردود
    1. والله وانا كمان لام اذكر حالي لاني مرات بس اعصب بحكيلي سبعين كلمة بدفن اللي قدامي دفن, بس عالاغلب بيكونوا بستاهلوا بصراحة :)

      دخلك شو المدرسة اللي رايحة عليها وبتعطيكوا مبالغ نقدية؟ أكثر من كرتونة التقدير ما شفت صراحة!!

      حذف
    2. لا درست الإبتدائي والإعدادي بوكالة
      المبالغ النقدية كانت من الأهل

      ما أختلفنا إنه في ناس بستاهلو وبنندمش ع " صراخنا" فيهم, أنا بحكي عن جزء بسيط من الناس نادرن ما تلاقيهم

      ضلي إدفني,من وجهة نظري
      كوني كاسرة وشريره ولا طيبة ومأكول حقك والكل مستوطي حيطتك

      صباحك عالي هههههه

      حذف
    3. آه الآن بين المستور يعني مش معقول المدارس بتوزع مصاري!
      بس طلعتي رفيقتي بالنضال, مدارس وكالة :)
      صباحك إشطة و دمنا كواسر وأشرار :)

      حذف
  5. يا حسرتي على الاطفال !
    ما بيكفي انهم حقل تجارب وميدان لتفريغ شحنات الغضب
    واحباط الاهل في البيت
    بالمدرسه كمان بيشوفوا الويل !
    المصيبه:
    أنه نحن حاسدينهم على طفولتهم البريئه:))

    ردحذف
    الردود
    1. المشكلة إنه الكبير بيقدر يدافع عن حاله أو يتحمل الأذية, بس الطفل أضعف من انه يصبر او يتحمل ! هيك مواقف بتكون زي نهاية العالم بالنسبة الهم.. وكله بيأثر في شخصيتهم.

      حذف
  6. خيار موفق :)
    برافو يا فارس

    ---
    كلمة = تهدم أو تبني شخصا ً ، بكل ما في ذاك من معنى!

    ردحذف
    الردود
    1. فارس حسبها صح يمكن لانه سبق وانحط في نفس الزاوية واتمنى يكون تصرف الاخرين مغاير

      شكرا للمرور والتعليق :)

      حذف