25‏/01‏/2012

أدب العنصريّة

العنصرية، ليست بالمفهوم الغريب، فما أن تطرق مسامعنا هذه الكلمة حتى نتذكر العبودية وسوء معاملة الأبيض للأسود، والافتراض أن جماعة من الناس هم أدنى منك شأناً أو فهماً أو أخلاقاً لمجرد أنهم ينتمون لعرق ما أو وطن ما. 
لكن من المستغرب كم يضج الأدب العالمي بالمفاهيم العنصرية، من خلال شخوصه أو أحداثه، هذا الأدب الذي يتوارث جيلاً بعد جيل على أنه من الروائع، وهو في الحقيقة بحاجة لوقفة صغيرة منا وتأمله أكثر عن كثب.

انهيت مؤخراً قراءة رواية "مرتفعات ويذرنغ" للكاتبة إميلي برونتي، والتي تعد طبعاً من روائع الأدب الإنجليزي، ولدي معرفة مسبقة بالقصة لكن من خلال الفيلم الذي يحمل نفس الاسم. لكن قراءة الرواية بالطبع وضحت الكثير من التفاصيل وأعطت الكثير من الوصف الذي لا يتسع الفيلم لسرده. 

أحد الشخوص الرئيسية في الرواية "هيثكليف" والذي كان سببا في شقاء بقية الشخوص الأخرى، وكان نزّاعاً إلى الانتقام والظلم، هو في الأصل فتىً (غجري) مشرّد وجده السيد الأبيض هائماً على وجهه بلا اسم ولا عائلة، عطف عليه وأسكنه بيته وأحب هذا المشرّد ابنة السيد ولم يستطع الحصول عليها فسعى للانتقام من جميع أفراد العائلة عبرالأجيال المتعاقبة، حتى أنّ هذا الانتقام طال ابنه.

تصفه الكاتبة بالشر وبأنه شيطان واختارت لهذه الشخصية القالب المناسب، ليس أبيض البشرة بل (غجرياً) أسمر البشرة أسود الشعر والعينين، يرفض التعليم بعد موت سيّده، لا علاقة له بالدين أو الكنيسة، ويهيم طول اليوم في الحقول ويعود للمنزل قذراً، ويبدو أن الكاتبة تعتقد أن هذا النوع من البشر لا يتجسّد إلاّ في الغجر!

بالتأكيد تتذكرون "مغامرات توم سوير" للكاتب الأمريكي مارك توين، أغلبنا شاهد المسلسل الكرتوني الشهير في الطفولة وإن لم نقرأ الكتاب والذي يعتبر من روائع الأدب الأمريكي، وتتذكرون مغامراته الشيّقة مع صديقه هاك وصديقته بيكي، والهروب من المدرسة والبحث عن الكنز، المسلسل كان ممتعاً بصراحة.

في بعض حلقات المسلسل تظهر شخصية مرعبة، "إنجان جو"، وهو قاتل ولص ومطلوب للعدالة ويرتعد توم وهاك خوفاً عندما يظهر في القرية. وهذا الرجل كما يظهر في الكتاب من السكان الأصليين (هندي أحمر)، وكونه يحمل دماً هندياً في عروقه فهذا يفسر ببساطة كونه القالب المناسب للقتل واللصوصية.
 
كنت أعتقد أن اسم الشخصية كاملاً هو"إنجان جو" أو "injun joe"، ولكن وبعد بحث بسيط اكتشفت أن كلمة "injun" هي كلمة عنصرية ينعت بها السكان الأصليون مثل كلمة زنجي "nigger" التي كان ينعت بها العبيد الأفارقة.


هناك 7 تعليقات:

  1. مقال جميل
    ولدي سؤال

    هل تعتبر قصة عنتر العبسي من ادب العنصرية ؟؟

    عطيل لشكسبير !!

    ردحذف
  2. عزيزتي الزين:
    شكرا لمرورك,
    سأكون صادقة فأنا لم أقرأ النص الأصلي لمسرحية عطيل, أعرف القصة من خلال ملخص قرأته في الماضي ومن مشاهدة الفيلم.
    لكن إن كان شكسبير وصف عطيل بالبربرية والضعف و سوءالحكم لإنه مغربي وبرر بذلك إقدامه على القتل, فبالنسبة لي أيضا هذه عنصرية.

    عنترة العبسي بالتأكيد عانى من العنصرية, لكن ربما أنصفه البعض إذ دونوا شعره وعلقوه على أستار الكعبة وتناقلت الأجيال بطولاته.

    مجرد رأي لا أكثر.

    ردحذف
  3. سلام عليكم

    الملاحظة في مكانها ..
    وبما إني عم بقرأ توم سوير هسا ..
    ما بنكر اني حسيت الاشي اللي بتحكي عنه ..
    وحسيت فيه بطريقة وصف للعبيد السود في الروايه ..
    انهم مساكين والبيض بعطفو عليهم وبخلوهم يشتغلو بعبوديتهم ...


    بس اكون واقعي معك ..
    انا ما كتبت التعليق عشان ابصم بالعشره على محتوى البوست ..


    رأيي الشخصي المواضع بتلخص بالتالي:
    النظرة الاستعلائيه واللي في أكثر حالتها تطرفاً بتصير عتصريه .. شغله موجوده وأصيله في النفس البشريه .. والانسان الصالح .. "المفروض" .. يحاربها في حاله وتغلب عليها ..
    بحاربها لما يدرك إنها إشي علط ..

    هسا .. وقت ما انكتبت هاب الروايات .. ما كانت فكرة "تبذ" العنصريه مستوعبه عند عامة الناس أو الكتاب .. وبكل بساطه .. مثل ما كاتب هالايام بكتب عن اللي بصير حواليه ..
    كمان كاتب هذيك الأيام بكتب عن اللي كان يدور حواليه ..

    اذا ممكن أنظر للموضوع .. بقول إنه هذا الادب عالمي وذو قيمه لإنه بحكي بالتفصيل عن فترات من نمو العقل البشري انقرضت .. وممكن من هالادب نتعلم الخلاخل في التفكير في هذيك الفتره .. وواحده من اكبر هالاخلاخل .. العنصريه اللي كانت متقبله من دون محاسبه ..

    شكراً على الطرح ..
    بعتقد هيك اشي لازم يتعلم للاطفال في المدارس ..

    واسف على الاطاله
    :)

    ردحذف
  4. Mr.KOOZ:
    أولا شكرا لمرورك واهتمامك وترك تعليق بالتأكيد معتبر وذو قيمة.

    لن أختلف معك فيما قلت كون الكاتب يكتب بلغة زمانه وما يكتبه مقبول عند العامة في ذلك الوقت, لكن ما يزعجني حقيقة هو أن الكاتب إن أراد خلق شخصية شريرة فهو يلبسها ثوب عرق آخر, لا يختار الشر من عرقه مع أنه أذكى من ذلك ويعلم أن الخير والشر موجودان لدى كل الأعراق!

    أتمنى بشدة أن يعلم الأدب العالمي في ويناقش في مدارسنا وتتفتح أذهاننا أكثر للتفكير والنقاش

    دمت بخير

    ردحذف
  5. هوه أي إختلاف بينا وبين أي شخص مدعاة للنقد
    وإزا بدنا نخوف أطفالنا بنخوفه بشي مختلف عن تكوينا أو إيجابياتنا

    حتى لو كان جارنا الأسمر

    هالمعتقد متغلل فينا من طفولتنا,,

    صباحك خير

    ردحذف
  6. أم عمر:
    حتى لو هالمعتقد متغلغل فينا - وبرأيي إنه معتقد خاطئ- لازم ما نلتزم فيه ونعلمه لأولادنا, لازم يتعلموا إنه المختلف طبيعي وإيجابي مش شر.

    دمت بخير

    ردحذف
  7. كيكي ,,
    إجمالن أنا بحاول أعطي أطفالي " ع قد ما بقدر" الإيجابيات بطفولتي
    وبتجنب أي شي كنت أحسه إنه سلبي و مش فعال

    مابخوفهمش بإشي هههههه,, في عقاب إسمه
    تايم اأأأأأوت,, مجرد ما يسمعو الكلمه بحد ذاتها ببلشو يبكو

    بس شكرن للتذكير,, صباحاتك كلها خير

    ردحذف