04‏/07‏/2010

لا للمزيد من باب الحارة ...

بدأت الاعلانات على شاشة إم.بي.سي للمسلسلات الرمضانية، وها هو يطلّ مرة أخرى، باب الحارة في جزئه الخامس، كنت أظن أن هذا المسلسل انتهى للأبد رمضان الماضي، لكن يبدو أن هناك جزءا جديدا، للأسف اكتشفت ذلك متأخرة جدا ويبدو أن الجميع كان يعلم ذلك.
في الواقع أنا أكره هذا المسلسل كراهية شديدة، فعندما عرض الجزء الأول منه لم أشاهده، لأنني وجدت أن فكرته مستهلكة وسبق وشاهدنا الكثير مثله من أيام شامية وليالي الصالحية وحمام القيشاني وغيرها.. ويبدو أن مخرج المسلسل ( بسام الملا ) لا يستطيع أن يخرج مسلسلا إلا إن كان عن حارة دمشقية قديمة. لكن لما تردد اسمه كثيرا على ألسنة الجميع أصابني الفضول وتابعت الجزء الثاني منه، وبعدها ندمت على كل لحظة أضعتها على هذا المسلسل الساذج التافه.

لا أدري حقا لم يحب المشاهد العربي مسلسل باب الحارة؟ هل هم رجال الحارة؟ أم نساء الحارة؟

 لا شيء يثير الإعجاب برجال الحارة، حقاً، لقد أصابني السأم من هذه الصورة النمطية في المسلسلات العربية، رجال الحارة الأخيار، رجال الشرف والشهامة والمروءة المثاليون - وكم أكره المثالية والمثاليين - يتصارعون مع رجال الحارة الأخرى المليئة بالأشرار والأوغاد واللصوص والهمجيين. ألم يحن الوقت لنتخلص من فكرة (صراع الخير والشر) وتلقين المبادئ للمشاهد في مسلسلاتنا العربية؟

أما نساء الحارة، وما أدراك ما نساء الحارة؟ قصص الحماية والكنة، وقصص الضراير، وبنت الحمى، والجارة التي تتعمد رمي نفاياتها أما باب الجارة ليتهمها الناس بعدم النظافة وأنها ( مش معدّلة ). وشخصية الدّاية المقززة الحشرية والتي تسعى لمعرفة خبايا الناس وتداولها في الحارة، كلها قصص موضوعة في قالب تهريجي مضحك ليضيف المرح على المسلسل، ولا هدف آخر له إلا السخرية من جنس النساء وتأكيد الصورة بأننا تافهات فارغات لا يشغلنا أي كبير أو عظيم، بل إن أعظم ما عنا هو طبخ ( الكرشات والمحاشي ) ومجالس الغيبة والنميمة. 
هي جملة واحدة أقولها لكم " تباً لكم، نحن لسنا بالمهرجات".
 
البعض يعتقد أن هذه هي صورة المرأة الحقيقية في ذلك الزمن، وأريد أن أؤكد لكم أن هذا ليس صحيحاً البتة.
أنا أعرف امرأة عاشت في زمن ماض، عاشت في زمن الجهل والتخلف، وبالرغم من ذلك لم تكن تافهة لهذا الحد.  ولدت جدتي في مطلع القرن العشرين وكانت وجدي من الفلاحين. كانت تصف لنا يومها المليء بالعمل، كيف كانت تستيقظ منذ الفجر لتعد الخبز وتطعم أولادها، وبعدها تخرج للزراعة مع جدي طيلة اليوم حتى مغيب الشمس، وكان يتخلل ذلك عودتها للبيت مرات كثيرة لتنظيف البيت وجلب الماء ورعاية الأبناء. وكيف كانت تخرج أياما قبل طلوع الشمس في موسم الحصاد سيرا على الأقدام للمشاركة في الحصاد بأجر زهيد في القرى المجاورة. وكيف كانت تترك أبناءها أحيانا في رعاية جارتها عندما تغيب لأيام، وكيف فقدت مرة ابنتها الرضيعة واللتي سلّمت الروح لبارئها من شدة التعب والحر ومشقة وطول الطريق. ولم تكن هي وحدها من عانت، بل كل نساء القرية عشن تماماً نمط الحياة الذي عاشته. 
 
لقد كانت المرأة دوماً عاملة ودوماً مسؤولة، وكان في حياتها الكثير الكثير غير المكائد والدسائس والخلافات العائلية، وكونها لم تكن متعلمة في ذاك الزمن فهذا لا يعطينا الحق بأن نسخر منها ومن عقلها ونهمشها وننتقص من حقها كما تفعل أغلب مسلسلاتنا العربية. 
 
لا خير في باب الحارة، وإن أعجب الكثير من الناس فهذا دليل -وللأسف- على الإنحدار الفكري للمشاهد العربي، وأنا لا أملك أن أوقفه أو أمنع عرضه، لكنني ببساطة سأقاطعه كما أقاطع المنتجات الدنماركية، كي أحافظ على البقية الباقية لي من عقلي .  
 
أمر آخر يقض مضجعي عندما أتذكر باب الحارة، فللعام الخامس على التوالي لن يهنأ لي عيش ولن أنام ليلا أو نهارا وستفزعني أصوات أولاد حارتنا وهم يصدحون بأوبرا (( بليلة بلبلوووووكيييي...)) وستفزعني أصوات جر صناديق الخشب والكرتون ( عرباية البليلة )، وسأخسر صيامي ذلك الشهر وأنا أسبهم وأسب أمهاتهم اللاتي أنجبنهم.
 
لكن ألا يلفت إنتباهنا حقا كيف يعجب هذا المسلسل الأطفال أكثر من غيرهم؟ أليس في ذلك مؤشر ولو بسيط على أن القصة ساذجة حقا لدرجة أنها تحاكي عقول الأطفال؟ 

  

هناك 20 تعليقًا:

  1. من الموكد ان سر افتتان العرب بهذا المسلسل هو انه يدغدغ كل مشاعرهم الدفينة، الرجل القوي الشهم الوسيم الحازم، ذو الزوجة الساذجة الجميلة المحبة والخاضعة، احداث سخيفة بسيطة مثل معظم العقول العربية، تاكيد على الصورة النمطية للمراة التي يعشقها الرجل العربي.. شو كمان :(

    ردحذف
  2. مرحبا آنسه كياله

    سيتم عرض رواية سيدة الأدب العربي أحلام مستغانمي (( ذاكرة جسد )) من خلال مسلسل في رمضان لهذه السنة وعلى ما أعتقد أنها ستكون على قناة أبو ظبي وبالتأكيد شخصية خالد بن طوبال وأقواله ستكون كفيلة بعدم الاكتراث لكل صراخ الاطفال من حولك وهم ينادون على البليله :)

    نهارك سعيد

    ردحذف
  3. الحمد لله كل سنة بيجي المسلسل بوقت صلاة التراويح فما بنحضره اساسا :)

    المسلسل كما قال الاخ عمر تحقيق لاحلام المجتمع العربي بنموذج جميل للرجل القوي الشهم و المرأه المستكينه اهم اشي بحياتها ارضاء هذا الرجل.

    نموذج جدتك ذكرني بجدتي الله يرحمها, كانت غير متعلمة ولكنها ربت بناتها و اولادها احسن تربيه, كانت تحكيلنا قصص عن حياتها و الاشياء اللي واجهتهم, هاي النماذج اللي المفروض تعرض لتصير قدوة للعالم.

    ردحذف
  4. معظم الشباب اللي بعرفهم بتابعو باب الحارة بتابعوه على شان الكم الهائل من النساء فيه , دخيل هاي ودخيل هذيك

    ولما سمعت انه في جزء خامس , انخنقت

    ردحذف
  5. تعرفت من وقت قريب على مدونتك و أعجبني محتواها و أتمنى أن تعذري مروري بها و تطفلي عليكي.
    للأسف المشكلة تمتد لأبعد من الإفتتان المريض بشخصيات و محاسن نساء المسلسل لتصل إلى جشع تلفزيون ال إم بي سي للمزيد من المال .. كان يمكنهم و بكل بساطة الإكتفاء بجزء أول أو على الأكثر إثنين مع لا أرى سببا لكليهما لكن كمية النجاح الذي حققه المسلسل و المال الذي جلبه دفعهم ليصلوا للجزء الرابع ثم الخامس تصبح القصة أكثر ركاكة مما سبق.
    للأسف حدث أن حضرت الجزء الأول من هذا المسلسل و لكني لم أرى سبب لأن أكرر الخطأ مرة أخرى "فلا يلدغ مؤمن من جحر مرتين"
    الحمدلله على نعمة العقل

    ردحذف
  6. الحمد لله عمري ما حضرتو و لا راح احضرو ، و لو يطلعو منو 10 اجزاء ، يعني بصراحة هاد ما هو الا استهزاء بعقلية المشاهد ، يعني مبني على امور سخيفة و تافهه ، و سيناريو اعيد اجترارو الاف المرات

    ردحذف
  7. زنخ يالله ما ازنخو!!

    انا كنت دايمن بحكي انو كل الشباب نفسها تكون ابو شهاب ومش قادرين
    اشي هيك مثل التماهي مع البطل

    ومتل ما حكى الاخ عمر اشي زي هارون الرشيد:)

    هلا وين خبرك؟ صار في النمس تاع :"هلا والله حيا الله" البليله راحت ايامها خلاص:)

    وبالنسبه لجدتك وجدتي كلامك صحيح تماما، احنا عنا نفس الحاله وبظن اربد تقريبا معظم الناس مروا فيها بس اتوقع في المدن انو الرفاهيه مختلفه ولا شو رايك؟

    ردحذف
  8. بصراحة ما حضرت و لا حلقة منو للآن! بس وقت الصلاة -التراويح- الشباب الطيبة كانت تعطيني آخر الإبداعات و التطورات!
    زي ما حكت ويسبر منيح إنو بييجي وقت الصلاة برمضان و أصلا ً إحنا ما عنا تلفزيون فمرتاحين من باب الحارة و كل الأبواب الأخرى... الله يغنينا عن هاي الترهات.

    ردحذف
  9. صباح الخير أنسة كيالة
    باب الحارة أصبح شرا لا بد منه :(
    بصراحة كل رمضان بدعي ربي ما اكون في البلد، بس بروح رمضان وبيجي رمضان، وانا هون، كل مظاهر رمضان في العالم العربي اصبحت مشكلة والله، ابتداء من الاصطفاف على دور القطايف وانتهاء بليلة الوقفة اللي ما بنام فيها من الإزعاج، يعني والله بالنسبة الي ما وقفت على باب الحارة
    الله يصبرنا
    كالعادة اسلوبك رائع في الكتابة
    كل الود انسة كيالة

    ردحذف
  10. هاي المرة ما كيلتي منيح !!
    وزعلت منك

    حكيتي عن سلبياته للمسلسل
    بس ماقلتي قديشه ببين الاخلاق الحميدة
    وبحكي عن الثورة .. وعن فلسطين
    بيحكي عن الاستعمار
    بيحكي الالتزام بتعاليم الدين .. وعن العلاقات الاجتماعية وكيف الناس كانت توقف جنب بعض

    بس مع هيك انا ماحبيت المسلسل

    ردحذف
  11. مرحبا عمر واهلا وسهلا بزيارتك الاولى للمدونة.
    نعم اغلب العقول العربية بسيطة سخيفة، وهذا هو بالتاكيد سر حبهم لهذا المسلسل السخيف.
    نتنى ان يفيق الغرب من سخافتهم ويعيشوا الواقع لمرة.

    ردحذف
  12. اهلا اشرف:
    شكرا على المعلومة سأتابع هذا المسلسل بإذن الله واعتقد انه سيكون جيدا فقد سمعت الكثير عن هذه الرواية - وللاسف لم يتسنى لي قراءتها- لكن سيكون جميلا ان اتعرف عليها من خلال المسلسل.

    والشيء بالشيء يذكر سيتم عرض مسلسل على شاشة ام.بي.سي بعنوان (عايزة اتجوز) وهذا المسلسل مبني على حكايات مدونة تحمل نفس الاسم لفتاة مصرية اسمها غادة عبدالعال، وتنتقد فيها واقع الزواج في المجتمع المصري . حكايات المدونة ممتعة جدا واتمنى ان يكون المسلسل بجودة المدونة.

    مساءك سعيد

    ردحذف
  13. مسا الخير ويسبر:

    المشكلة مش في موعد جية المسلسل المشكلة في الاعادة. بينعاد مرتين تلاتة في اليوم على اكثر من قناة وبعد ما يخلص رمضان شي 50 قناة بتنزل تعرض فيه على طول السنة.
    يا ريت حدا يعمللنا مسلسل عن امرأة من هداك الزمن تكون قدوة ومخها كبير، علشان نصحح الافكار المشوهة شوي.

    ردحذف
  14. مرحبا lunar:
    اولا خليني ارحب بزيارتك الاولى للمدونة ويا ريت تعيدها دايما.
    كم النساء الهائل من اهم اسباب نجاح المسلسل، ولا ليش الناس بدها تحضره وهو كله تفاهة بتفاهة. والله اشي بيخنق صحيح.
    مساءك سعيد واهلا وسهلا فيك

    ردحذف
  15. اهلا palestine princes :
    المدونة على حسابك زوريها مثل ما بدك ووقت ما تحبي هاد مش تطفل هاد اشي بيشرفني، وبيسعدني انه عجبك محتواها.

    اكيد الفلوس بتلعب دور كبير في استمرار المسلسل، ولا ليش بنستمر 5 سنين بنتجرع هالتفاهة.
    بضم صوتي لصوتك لمقاطعة المسلسل سلامة لعقولنا!

    ردحذف
  16. د. محمد اهلا بك ومساؤك سعيد:
    احسن شي انك ما حضرته كسبت عقلك وصحتك. هلكونا بالحارة الشامية والنا 20 سنة بنحضر هيك مسلسلات وزي ما حكيت مبني على امور سخيفة و تافهه ، و سيناريو اعيد اجترارو الاف المرات.

    ردحذف
  17. هلا مياسي هلا يا أحلى قرابة:
    والله هاد النمس ما مر علي، والحمد لله اني ما بعرفه بلا هبل ووجع راس.
    الله يرحم كل الجدات، يمكن في المدينة في رفاهية وما فيه اعمال شاقة بس برضو بيتهيألي انه كان فيه مشاغل بتشغلها وبتعبي يومها حياتها ما بتخيل كلها سخافة زي ما بيصور المسلسل.

    ردحذف
  18. مرحبا هيثم:
    احسنلك ما تعرفه ولما يحكولك عنه بالمسجد سد ادنيك. بس والله ممتاز ما عندك تلفزيون مريح راسك

    ردحذف
  19. مرحبا نادر:
    يا زلمة مالك زعلان من البلد كلها، طول بالك شوي. الله يصبرنا على هالعيشة بس شوبدنا نعمل؟ لازم نتعود ونتأقلم ولا بنفرقع!
    يا سيدي ان شاء الله بتنول اللي في بالك وبتسافر في يوم من الايام.
    اما عن الروعة في الكتابة فانا ما بستحقها لاني ما كنت شاطرة في حصة التعبير ابدا ، هاي صفة بنخليها الك انت وبس.

    ردحذف
  20. أنا بشاركك كرهي لهدا المسلسل.. وما ضل اشي أضيفو بعد إلي قلتيه.. هوة لازم كل رمضان يكون في مسلسل باب الحاره "أو شي على نمط بالسنين السابقة" ولازم كمان مسلسل تاريخي.. عني وعن أفراد عيلتي بحكي إنو ماحد فينا بشوف أي اشي منهم..

    ردحذف