الخبر صحيح؟ أهناك حرب؟ تواترت الأنباء عن قتل ونهب واحتلال..
يقولون أنّ للإنجليز يداً في هذا الأمر.. واليهود ماذا فعلنا لهم؟ أليسوا يسكنون هنا مذ بدأ الزمان؟ ماذا يريدون؟
يقول البعض إنهم قطاع طرق.. مجرّد قطاع طرق! مستحيل ما تقولون!
وهذا التسلح في المعسكر الإنجليزي؟ والمدد الذي أغرق المكان بين ليلة وضحاها؟ سيقاتلوننا حتماً..
إذاً سنقاتلهم.. بم؟ كم واحد منا يملك سلاحاً؟ ولو؟ بالعصي والحجارة والأيادي.. وهل تجدي نفعا أمام هؤلاء؟
الخبر صحيح إذاً! وإلاّ.. لم جاء إخوان لنا من العرب يحملون السلاح؟ من عراق وسعودية ومصر وأردن وشام.. من مكان نعرفه ومكان لم نسمع عنه قط.. افسحنا لهم مجالاً في القرية.. سيفدوننا بأرواحهم.. باسم الأخوة.. باسم العروبة.. باسم الدين..
اشتبكنا مع العدو حول معسكره على أطراف القرية.. لن يدخلوها سالمين.. صمدنا زمناً وألحقنا بهم المتاعب والمخاسر..
ضربوا علينا حصاراً.. شهراً تلو شهر.. من قال أن الحصار يجدي نفعاً مع الفلاّحين؟ من مثل الفلاّح يجيد صنعة الخبء والادخار؟ ما زلنا صامين.. لن يدخلوها سالمين..
ما هذا الطنين الذي يصمّ الآذان؟
في السماء قادم غريب.. عرفها جنود العرب.. طائرة مقاتلة.. ما عساها تفعل بنا؟
بدأت تقذف النار.. بلحظة فارت الأرض غباراً ورماداً ولهيباً.. حرّقت المكان.. في الغالب استهدفت جنود العرب.. ونكّلت بهم أيّما تنكيل!
ما الذي جرى للتو؟
غابت الطائرة وخلّفت طقطقة لهيب مستعر.. ونشيج بكاء خافت.. هرع الناس كالمصروعين ليتفقدوا بعضهم.. قمر وعلي وأولادهم.. الكل بخير..
ركض علي صوب بيت عبدالله.. لم يجده.. كان في حقله.. الحقل فارغ.. ركض يمينا وشمالاً كالمجنون.. قال أحدهم.. كل من كانوا في الحقول لجؤوا لمغارة قريبة.. ركض صوب المغارة.. أمن جوارها يتصاعد هذا الدخان أم منها؟ يالله! المغارة ركام.. وتحت الركام؟ انقضّ الرجال عليه يدفعونه مرتجفين.. وانحسر الركام عن أشلاء..
يا ويلتاه! يا عبدالله!