08‏/06‏/2010

من الرَّجُل ؟

إن سألتني من هو الرَّجُل؟ أقل لكَ هذا سؤال تصعب الإجابة عليه، إنه سؤال جدلي، بحاجة للتفكير والتمحيص، تتعدّد فيه وجهات النظر وتتناقض. لكنّني في النهاية سأعطيك إجابة شافية، فلن تجد إجابة أبلَغَ من إجابة تعطيها لك امرأة، فأنت مهما اجتهدت في وصف نفسك ما كنت لتقارب الوصف الذي يعطيك إياه غيرك.

لأجيبك سأقول إنّ الرَّجُلَ ( لغةً ) هو الذكر البالغ من بني آدم، هكذا قالت قواميس اللغة، لكنها إجابة مختصرة جداً بل هي إجابة قاصرة، بل أظنها ليست إجابة أصلاً.
لأجيبك سأقول إنّ الرَّجُلَ ( اصطلاحاً ) - وهو ما تعارف عليه القوم واتفقوا - هو كل ذكر بالغ، ممن علا صوته وساء لفظه واغترّ بنفسه، من دنت أخلاقه وضاعت مروءته و سُحِقَت شهامته، ضعيفٌ منافقٌ ينقضُ العهد، لئيم، تافهٌ ذو سخافةٍ فاقدٌ للرأي والمشورة. 
ستقول لي ويلك! ما هكذا يكون الرجال! فأقول لك بلى. قد نظرت حولي للرجال لأجيبك وهذا ما وجدت.

وجدت محمداً الذي يبدأ نهاره كل يوم بالصراخ على زوجه وأطفاله، حتى إذا بلغ مبلغه من الغضب والانزعاج، بدأ محمد بسَبّ ربّه وسبّ محمدٍ رسوله. وهكذا يكون محمدٌ قد وصل لأقصى درجات الرجولة في حدّ تقديره.
وجدت علياً الذي يستحضر رجولته بضرب أخواته إن رفضن استعباده لهنّ وتسخيرهن لخدمته.
وجدت عبدالله الذي ينام نهاره ويسهر ليله في المقهى بين الشيشة وطاولة النرد ولعب الورق، ويعتاش كائناً طفيلياً على راتب زوجته، وقد كان يمتلك عملاً من قبل لكنه فقده بعد حين، وكم أكثر الشكوى من شدّة العوز وقلّة الحال لكن تأبى رجولته أنّ يكدّ للخلاص مما هو فيه، فيهرب للنرد والورق، تاركاً خلفه جاريته أو زوجته - فكلاما واحد ولا فرق بينهما هذه الأيام - لتكدّ في العمل ليلاً نهاراً داخل المنزل وخارجه وتربي أبناءهما وحدها.
وجدت أحمدَ الذي لم يصم رمضان يوماً، فأحمدُ لم يستطع يوماً أن يتوب من عاهرته النحيلة سليلة عائلة " مارلبورو ".
ووجدت عمرَ راقصَ المدينة، والذي لا يتوانى عن هزّ الخصر والتمايل مع كل لحن وفي أي مناسبة ومع أي مطرب، وهو دوماً الأول على درجات المهرجان. حتى أنني أخطأت يوماً فظننته أخته، بعد أن طال الشعر وعذُبَتِ الكلمات وتجمّل بالإكسسوارات. 
ووجدت معتزَّ الذي لا تكتمل رجولته دون سكينه إلى جوار خصره، حتى إذا ما نادى المنادي أن يا شباب الجامعة هلمّوا إلى القتال، أخرج سكّينه ونحر صديقه، عندها فقط يستشعر معتز قوته وتكتمل رجولته، ويغدو هذا القاتل رجلاً يذود عن الشرف والرجولة.
بعد كل هذا إيّاك أن تعترض، أليس هؤلاء هم رجالنا ؟!!

 لكن مهلاً، حتى أنا لا أقبل بهكذا إجابة ولا أرضى بأن يكون هكذا الرجال، إذاً فهذه ليست إجابةً أيضاً، وهؤلاء الذين وصفتهم لك ليسوا بالرجال.
 نعم ليسوا رجالاً، وإن كنت كالسابق ذكرهم وتنطبق عليك صفاتهم فأنت لست برجل.
لكنّك بالتأكيد ذكر، نعم، ويثبت ذلك الناحية التشريحيّة والوظيفيّة لجسمك، ويثبت ذلك قدرتك على الإنجاب، لكن ولتعلم أنّ ذكورتك وفحولتك وحتّى خشونتك لا تعطيك حق الرجولة أبداً. 

أقول لك إنّ الرَّجُل ( حقيقةً ) هو من استكمل صفات الرجال ولم يكتف بالذكورة التي تفرّق بين الرجل والمرأة. وإن قلت لي أنّى لكِ هذا ؟ قلت لك إنّ معي أقوى شاهدٍ ودليل.
هيّا هلم معي ولنفتح كتاب الله، ولتبحث عن كلمة رجل، لن تجد هذه الكلمة إلاّ بجوارِ صفةٍ محمودةٍ وموقفٍ نبيل.

أوّلُ هذه الصفات وأهمّها وأقواها هي الإيمان، الإيمان الحقيقي واليقين، لا الادعاء والاكتفاء بأقل القليل؛ فالصلاة وحدها مع صيام رمضان ليست إيمانا كاملاً، ولتقرأ قوله تعالى : ( رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكرِ اللهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ يخافون يوماً تتقلَّبُ فيه القلوبُ والأبصار ). 

من صفات الرّجال الشهامة والمروءة والمواقف والرأي الحسن، ولتقرأ معي ( وجاء رجلٌ من أقصى المدينةِ يسعى قالَ يا موسى إنَّ القومَ يأتمرون بك ليقتلوك )، ولتقرأ أيضاً ( وقال رجلٌ من آلِ فرعونَ يكتمُ ايمانه أتقتلون رجلاً أن يقولَ ربِّيَ الله ). فهذان رجلان وُجِدا في حياة موسى الرجل النبي الكريم، الأول شهم وقف معه موقف حق وأشار عليه بالرأي السديد، والآخر دافع عنه ولم يهب فرعون ومن حوله، وكان مؤمناً حقاً، فهكذا يكون الرجال.
وعندما حاور لوط عليه السلام قومه قال ( أتأتونَ الذُّكرانَ من العالمين ) فوصفهم بالذكورة فقط لأن هؤلاء المقبوحين لا يمكن لهم أن يكونوا رجالاً. وستجد في كتاب الله الكثير مما لا يتسع ذكره الآن لكنه كفيل بأن يقنعك.  

من صفات الرّجال العطف والإحسان، وهي أبلغ من الصلابة والخشونة، أتعلم لم سُمِّيت حَوّاءُ بهذا الاسم؟ لأنّها خلقت من ضلع حيّ، من ضلعك أنت، فأن تحنو عليها لا أن تقسو هو ما يزيدك شرفاً ورجولة. 
أوَ كنت تعلم أنّ العرب إن أرادت أن تفخر بامرأة نسبتها للرجولة؟ فقد كانت العرب تقول امرأةٌ رَجُلَة إذا تشبهت بالرّجال في الرأي والمعرفة. وفي الحديث ( كانت عائشة رضي الله عنها رَجُلَة الرّأي ).
وسأصدقك القول إني والله لأفخر إن نلت هذه الصفة، لكن عليك أن تكون رجلاً أولاً لأرضى أن أُنسبَ إليك. 

ثمّ بعد ذلك تسأل لم بُؤسُ الحياةِ وشقاؤها؟ أقل لك لأنك لم تعد رجلاً. تسألني لم الطلاق كثُر حتى خلنا أنه سيسبق الزواج يومًا؟ أقل لك لأنّك لم تعد رجلاً، فوالله ما من امرأةٍ عاقلةٍ تفرّط في رجلٍ حقيقي، لا والله. حتى أنني بتُّ أخاف الزواج وأتردّد، أخاف إن تزوجت يوماً أن لا أجده رجلاً، حينها والله سأموت غيظاً وقهراً، وأوصيكم أن تترحموا عليّ، وأن تدعوا لي بأن يأجرني الله في مصيبتي ويخلفني خيراً منها عنده في الجنة.

وتسأل لم هانت الأوطان ومتى تحرّر؟ أقل لك إنّها ستحرّر، فالله وعدنا ومن أصدق من الله قيلا، لكن كيف؟ سأخبرك، لا تركب أسطول الحريّة فقد فات الوقت وسبقك الرّجال إليه، وإيّاك ثمّ إيّاك أن تخرج في مظاهرة، واسكت، وتوقف عن الترجّي والأمل، فقط كن رجلاً، فيدُ اللهِ مع الرّجال والنصرُ لهم، ولا نصر لأشباه الرِّجال والذّكورِ المتأنّثات.

فبالله عليك أخي إن لم تكن رجلاً من قبل أو لم تربّى على الرّجولة، فصر اليومَ رجلاً وتحلّى بصفات الرّجال، فإن لم تستطع فادّعيها علّها من كثرة الادعاء تصيبك في النهاية، أو علّك تعتاد هذه الكذبة وتصدّقها فيصدّقها الناس حولك، فأن يتذكّرك الناس رجلاً أهون من أن تكون لا شيئاً وتضيع في غياهب النسيان.

وإن لم يعجبك قولي هذا فلن أكترث لك، ولن أعتذر منك، فلك أن تفعل ما تشاء، ولي أن أقول ما أشاء.

هناك 17 تعليقًا:

  1. كفيتي ووفيتي والله يعطيكي العافيه
    هو كما قلت فعلا

    في ذكور كثير بس الرجال قله

    كتير حبيته هالمقال انسه كياله :)

    ردحذف
  2. صباح الخير آنسه كياله

    صدقا أرفع القبعة احتراما لهذا المقال الرائع الذي يعزف لحن الحقيقة في انقراض كائن اسمه رجل ليحل مكانه مايسمى بالفحل أو الذكر

    واسمحي لي أن أكرر في هذا المقال المتميز رأيي الثابت دائما بمعنى الرجولة .

    فالرجولة لاتقاس بكثافة الشاربين ولا باتساع محيط عضلات الذراعين ولابالحسب والنسب والمال والجاهه بل الرجل بدينه وأخلاقه وشهامته ومروءته وبقدرته على ضبط نفسه وامتلاكها عند الغضب وبشجاعته في الحق وإيثاره في مساعدة الضعيف واحترام الكبير والصغير ، الرجل الحقيقي لا يخوض في الاعراض ولايضرب النساء ولايستعرض البطولات التي يتباهى خلالها بفحولته .

    الرجل هو الزوج الودود والأب الحنون والشقيق الطيب المحسن لشقيقته .

    الرجل هو من يحترم عقل المرأة وتفكيرهاو يشعرها بأهمية وجودها في بناء المجتمع والأسرة وأن دورها لا يقل أهمية أبدا عن دوره بذلك وهو دائما على إيمان بقدرتها في مختلف الجوانب ولايحقر من مكانتها أبدا بل يعزز دائما ثقتها بنفسها ويشاركها مسؤوليات الحياة التي لا تستقيم إلا بهما معا .

    أغشية مهترئة جدا تحيط بعقول الذكورة في هذه الأيام وتحتاج إلى إزالة فورية لتنظيفها من التفاهات والسخافات التي فاضت بها .

    كل الود ونهارك سعيد :)

    ردحذف
  3. رائع جدا

    -إلي بخاف ربه ما بنخاف منو-
    سبحان الله دائما الدين مرتبط مع الأخلاق الحميده.. عشان إلي بخاف ربه راح يتقي الله بأهل بيتو وراح يكد بعملو وبالتالي أموره حياتو راح تستقيم..

    كتير عجبني إدراجك :)

    ردحذف
  4. رأيك الأنثوي في معنى الرجولة كان شافيا وافيا
    لذلك أكتفيت بالجلوس على مقاعد المستمعين، واكتفيت بالتصفيق
    كدت أن أصرخ ثناءً، ولكنني خشيت أن ينطبق علي وصفك لمحمد الذي يبدأ يومه بالصراخ على زوجته
    كدت أن أرقص طربا لعذوبة مفرداتك، ولكنني خفت أن ينطبق علي وصفك لمعتز راقص المدينة.
    أخشى أن أسرف في الإطراء على أسلوبك، فتنطبق علي صفة الضعيف المنافق
    لذلك أكتفي بالتصفيق لهذا الوصف الشافي الوافي للرجل
    كل الود يا كيالة

    ردحذف
  5. الذكور ما كلهم رجال أكيد.
    شكرا ً للإدراج الرائع فعلا ً.

    ردحذف
  6. عزيزتي كياله
    لقد قرأت مقالتك مساء امس ...مباشره لما نزلتيها ورجعت اليوم الصبح قرأتها وهذه المره الثالثه كل مره اجد فيها شيئا جديدا ....لقد ابدعتي...وكما قال المثل اذا ضربت فأوجع...مقالك موجع جداً...لكن يا ريت الذكور الي ذكرتيهم بيقرأوا او بيفهموا....وانا معك...لا تتزوجي لمجرد الزواج...لا تتزوجي الا رجلاً ...يملاْ كيانك وترين فيه كل رجال العالم...والا...فالموت ارحم
    دمتي بخير...وربي يسعدك دائماً

    ردحذف
  7. صديقتي
    فعلا كفيتي و وفيتي

    للاسف قليل ما تلاقي رجال بعصرنا هذا, و قليل ما تلاقي ذكور فاهمين شو يعني الرجولة الحقيقيه

    ردحذف
  8. مياسي:
    الله يعافيك، وبيسعدني جدا إنك حبيت المقال. أنا بعرف ليش حبيتيه كثير لأنه انفش غلك مثلي، أول مرة أكتب بضمير وأحس إني فشيت غلي وفجرت طاقاتي عن جد.

    ردحذف
  9. أشرف
    يا صباح النور:
    صدقا أشكرك لكنني لا أستحق رفع القبعات، يكفيني رأيك الثمين. وجل ما يسعدني هو أن أجد الاحترام والتقدير منك ومن غيرك من الرجال، وكل ما أضفته أنت عن الرجولة والرجال هو كل ما ننشده ويكفينا، ولو تحلى به أصحاب العقول المهترئة -وهم كثر- لأصبحنا بخير حال.

    كل التقدير والود وتشرفني زيارتك دوما.

    ردحذف
  10. رولا
    انت الأروع، وبعتز دايما بإعجابك بكتاباتي.
    احنا ليش موجودين بهالدنيا؟ مش عشان نعمرها بالعلم والايمان والعبادة، ومتى ما راحت الاخلاق خلاص راحت الرجولة وراحت حتى الانوثة.
    تصديقا لكلامك وللمثل اللي حكتيه، بتذكر الحديث الشريف: ( ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم)
    اللي ما بيراعي اهل بيته لئيم وما بيستحق الله يبارك له في حياته، علشان هيك الناس بتتلطم وامورها بتتعقد وما حدا فاهم ليش.

    بيسسعدني مرورك، ورأيك بيهمني

    ردحذف
  11. أتدري يا نادر، هذه أول مرة أشعر بالقوة، فلأول مرة في حياتي استطعت أن أجعل الرجال تجلس في مقاعد المستمعين وتنصت لي، فطيلة عمري كنت أنا المستمعة وكنت أنا المأمورة من الرجال حولي، وإني لأكاد أسمع صدى تصفيقك، فشكرا لك.

    لكن أرجوك، إياك أن ترقص! فلو سألتني ما المشهد الذي تغلقين معه كلتا العينين بل وتتمنين العمى، قلت لك الرجال الراقصين.

    ولا تخف، فلن أتهمك يوما بالضعف أو النفاق، فيكفيني ما تكتبه لنا كل أسبوع لأدرك بأنك رجل يعرف ما يقول.

    يسعدني مرورك وشكرا لك

    ردحذف
  12. هيثم
    اشكرك على مداومة متابعتك لمدونتي، والمتابعون منكم هم من يدفعوننا للاستمرار.
    كل الشكر والتقدير

    ردحذف
  13. عزيزتي نيسان:
    اتدرين، الموجوع الحقيقي هو نحن لا هم، ويا ليت كلامي يوجع أحدهم فيتغير ولا يزيده غرورا وتكبرا.
    كنت دوما اتساءل لم على المرأة أن تطيع زوجها وتحترمه؟ حتى فهمت معنى الرجولة، فالله تعالى يقول: (( الرجال قوّامون على النساء))، فخصّ الرجال بالقوامة فقط، وأشباه الرجال لا قوامة لهم، ولو كنت مشرعا أو قاضيا لسلبت الكثير منهم هذا الحق فهم لا يستحقونه.

    أرجو من الله أن يرزقني رجلا بحق، فلو أطعته أدرك أني أفعل ذلك احتراما وتقديرا، لا خوفا وذلا.

    دمت بخير لأهلك وزوجك وأولادك

    ردحذف
  14. ويسبر
    صحيح ((إنّ الرجالَ قليلُ ))ما بنقدر نعمل شي غير انا ندعي الله انه يزيدهم ويكثرهم.

    اهلا وسهلا فيك وكثري من زياراتك

    ردحذف
  15. اختي العزيزة... من فقد الله ماوجد شيئا ومن وجد الله ما فقد شيئا... و ما فقدت رجولة كثير من "انصاف" رجال الأمَة الَا لفقدهم ربَهم.

    لو نظرنا نظرة بسيطة للآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}... لوجدنا اننا اتبعنا منهج التنظير و تركنا منهج التطبيق. نظَرنا كثيرا عن معاني الرجولة عندنا و على صوتنا بمعانيها "كشكل آخر من اشكال الرجولة" و لكن لو نظرنا الى ارض الواقع لرأينا اختفاء كل مظاهر الرجولة "بعيدا عن التنظير و الكلام" ... الَا من رحم ربي طبعا.
    الرجولة بكمال معناها هي كمال العقل قبل الشكل و تمام الرشد و النضج قبل "فتل الشوارب"... و إن كانت "الدَين المعاملة" شاهد على ابتعادنا عن ديننا لعرفنا لماذا فقدت الرجولة. فجلف المعاملة و الغلو و غلظة الأخلاق اصبحت دليلا على الرجولة و هي بعيدة كل البعد عنها.
    مشكورة على كلماتك الجميلة.  

    ردحذف
  16. أخي العزير صاحب مدونة " فزلكات "
    سعدت بمرورك، قد صغت الكثير مما يدور بخاطري بكلمات جميلة ووصف دقيق.
    قد أصبحت الرجولة فقيدة بفقد الدين والأخلاق وحسن المعشر، وقلبت المفاهيم والموازين، وما كتبته هو صرخة استغاثة، علّ أحدا يسمع ويقنع ويتصرف.
    كل الود وأهلا وسهلا بك.

    ردحذف
  17. أختي الكريمة

    أنا من أشد المعجبين بطريقتك بالكتابة ومهتم بمتابعة كل جديد لك ولكن ومن باب حرصي على عدم وقوعك في فخ قد وقع به الكثير من الناس في قضية تأويل وتفسير آيات القرأن الكريم والتي لايزال فيها من المواضع من عجز عن تفسيره كبار علماء التفسير فإنني أقتبس جملتك التي عممت فيها أن كلمة رجل لن نجدها مذكورة في القرآن الكريم إلا بجوار صفة محمودة وموقف نبيل وتعميمك هنا ليس بمكانه وكان من الأجدى أن لا يكون هنالك تعميم في ذلك لأن كلمة الرجل مذكورة في القرأن الكريم 24 مرة وليست جميعها تجوارت مع صفات ومواقف نبيلة والآيات التي سأذكرها لك توضح مقصدي في عدم جواز التعميم :

    {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} (81) سورة الأعراف.

    {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} (55) سورة النمل.

    {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} (29) سورة العنكبوت.

    فكما تلاحظين أختي الكريمة فلقد تم تسميتهم في هذه المواضع الثلاثة بالرجال وليس بالذكور .

    أيضا تم وصف أهل النار بكلمة الرجال في قوله تعالى : {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} (48) سورة الأعراف.

    وكذلك تم وصف كفرة الجن والإنس بالرجال في قوله عز وجل : {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (6) سورة الجن.

    عندما وكز سيدنا موسى عليه السلام الرجل الذي كان يقتتل مع رجل من شيعته تم وصف الاثنين بالرجال وهنا لم تتلازم كلمة رجل مع الإيمان في قوله تعالى : ( ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ) (15) سورة القصص

    قصة الرجلين في سورة الكهف والذي أنكر أحدهما أنعم الله تعالى عليه وظلم نفسه فقال رب العزة : ( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا ) ( 32 ) سورة الكهف .

    ولذلك أختي الكريمة فكلمة الرجل المذكورة في القرآن الكريم يحدد معناها سياق الآية التي ذكرت فيها والتي قد تكون مع معنى محمود أو مذموم وذلك لحكمة لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى ولذلك اقتضى التنويه وعدم الوقوع في هذا الخطأ الشائع بين العديد من الناس .

    أتمنى لك كل التوفيق في كتاباتك القادمة وإلى الأمام دائما .

    عادل

    ردحذف